تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{إِذَا ٱلسَّمَآءُ ٱنفَطَرَتۡ} (1)

مقدمة السورة:

سورة الانفطار مكية وآياتها تسع عشرة ، نزلت بعد سورة النازعات . وتبدأ السورة بذكر مشاهد من أهوال يوم القيامة ولكن بطريقة أخصر مما ورد في " التكوير " ، وبشخصية خاصة . فتبدأ بذكر أربعة أمور : انفطار السماء ، وتناثر الكواكب ، وتفجير البحار ، وبعثرة القبور .

بعد ذلك ينتقل الحديث بصورة عتاب وتحذير إلى ذلك الإنسان الذي ينكر فضل ربه الكريم مع أنه خلقه فسوّاه في أبدع صورة وأحسن تقويم . إن الإنسان لا يعرف للنعمة حقها ولا يشكر ربه على الفضل الذي آتاه إياه .

ثم تبين السورة تكذيب الإنسان بيوم الدين وجحوده ، وتؤكد وجود الملائكة الكرام البررة حافظين عليه ، يكتبون كل ما يفعله ويقوله . وبعد ذلك تقرر أن الناس يوم الحساب فريقان : فريق في الجنة ، وفريق في السعير . وتصور ذلك اليوم وهوله ، وتَجرّد النفوس من كل حول فيه ، مع تفرد الله سبحانه بأمره الجليل{ وما أدراك ما يوم الدين ، ثم ما أدراك ما يوم الدين- يوم لا تملك نفس لنفس شيئا والأمر يومئذ لله } .

السورة لطيفة في مبناها ، عذبة في ألفاظها ، تبشّر وتنذر ، والأمر كله يعود إلى الله تعالى .

انفطرت : انشقت .

تبدأ السورة بعرض مشاهد من أهوال يوم القيامة :

إذا السماءُ انشقّت .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{إِذَا ٱلسَّمَآءُ ٱنفَطَرَتۡ} (1)

مقدمة السورة:

تفسير سورة الانفطار [ وهي ] مكية

{ 1 - 5 } { بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ * وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انْتَثَرَتْ * وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ * وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ * عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ }

أي : إذا انشقت السماء وانفطرت ، وانتثرت{[1369]}  نجومها ، وزال جمالها ، وفجرت البحار فصارت بحرا واحدا ، وبعثرت القبور بأن أخرجت{[1370]}  ما فيها من الأموات ، وحشروا للموقف بين يدي الله للجزاء على الأعمال . فحينئذ ينكشف الغطاء ، ويزول ما كان خفيا ، وتعلم كل نفس ما معها من الأرباح والخسران ، هنالك يعض الظالم على يديه إذا رأى أعماله باطلة ، وميزانه قد خف ، والمظالم قد تداعت إليه ، والسيئات قد حضرت لديه ، وأيقن بالشقاء الأبدي والعذاب السرمدي{[1371]} .

و [ هنالك ] يفوز المتقون المقدمون لصالح الأعمال بالفوز العظيم ، والنعيم المقيم والسلامة من عذاب الجحيم .


[1369]:- في ب: وتناثرت.
[1370]:- في ب: بأن أخرج.
[1371]:- في ب: إذا رأى ما قدمت يداه وأيقن بالشقاء الأبدي والعذاب السرمدي.
 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{إِذَا ٱلسَّمَآءُ ٱنفَطَرَتۡ} (1)

مقدمة السورة:

مكية عند الجميع ، وهي تسع عشرة آية .

قوله تعالى : " إذا السماء انفطرت " أي تشققت بأمر الله ؛ لنزول الملائكة . كقول : " ويوم تشقق السماء بالغمام ونزل الملائكة تنزيلا " [ الفرقان : 25 ] . وقيل : تفطرت لهيبة الله تعالى . والفطر : الشق . يقال : فطرته فانفطر . ومنه فطر ناب البعير : طلع ، فهو بعير فاطر ، وتفطر الشيء : شقق ، وسيف فطار أي فيه شقوق . قال عنترة :

وسيفِي كالعقِيقَةِ وهو كِمْعِي *** سلاحِي لا أفَلَّ ولا فُطَارا{[15836]}

وقد تقدم في غير موضع{[15837]} .


[15836]:العقيقة: شعاع البرق الذي يبدو كالسيف. والكمع: الضجيع.
[15837]:راجع جـ 16 ص 4.
 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{إِذَا ٱلسَّمَآءُ ٱنفَطَرَتۡ} (1)

مقدمة السورة:

سورة الانفطار{[1]}

مقصودها التحذير من{[2]} الانهماك في الأعمال السيئة اغترارا بإحسان الرب وكرمه ونسيانا ليوم الدين الذي يحاسب فيه على النقير والقطمير ، ولا تغني فيه نفس عن نفس شيئا ، واسمها الانفطار أدل ما فيها على ذلك { بسم الله } الذي له الجلال كما أن له{[3]} الجمال { الرحمن } الذي عم بالرحمة ليشكر فغر ذلك أهل الضلال { الرحيم* } الذي خص من أراد بالتوفيق لما يرضى من الخصال .

ولما ختمت{[72000]} التكوير بأنه سبحانه لا يخرج عن مشيئته وأنه موجد الخلق ومدبرهم ، وكان من الناس من يعتقد أن هذا العالم هكذا بهذا الوصف لا آخر له " أرحام تدفع وأرض تبلع ومن مات فات وصار إلى الرفات ولا عود بعد الفوات " افتتح{[72001]} الله سبحانه هذه بما يكون مقدمة لمقصود التي قبلها من أنه لا بد من نقضه لهذا العالم وإخرابه ليحاسب الناس فيجزي كلاًّ منهم من المحسن والمسيء بما عمل فقال : { إذا السماء } أي على شدة إحكامها واتساقها وانتظامها { انفطرت * } أي{[72002]} انشقت شقوقاً أفهم سياق التهويل أنه صار {[72003]}لبابها أطراف{[72004]} كثيرة فزال ما كان لها من الكرية الجامعة للهواء الذي الناس فيه كالسمك في الماء ، فكما أن الماء إذا انكشف عن الحيوانات البحرية هلكت{[72005]} ، كذلك يكون الهواء مع الحيوانات البرية ، فلا تكون حياة-{[72006]} إلا ببعث جديد ونقل عن هذه الأسباب ، ليكون الحساب بالثواب والعقاب .


[1]:- هكذا ثبتت العبارة في النسخة المخزونة بالرباط – المراقش التي جعلناها أصلا وأساسا للمتن، وكذا في نسخة مكتبة المدينة ورمزها "مد" وموضعها في نسخة دار الكتب المصرية ورمزها "م": رب زدني علما يا فتاح.
[2]:- في م ومد: قال أفقر الخلائق إلى عفو الخالق؛ وفي الأصل: أبو إسحاق – مكان: أبو الحسن، والتصحيح من الأعلام للزركلي ج1 ص 50 وعكس المخطوطة أمام ص 56 وهامش الأنساب للسمعاني ج2 ص280.
[3]:- ضبطه في الأعلام بضم الراء وتخفيف الباء.
[72000]:زيد في الأصل: سورة، ولم تكن الزيادة في ظ و م فحذفناها.
[72001]:من ظ و م، وفي الأصل: أفتح.
[72002]:زيد في الأصل: انقسفت و، ولم تكن الزيادة في ظ و م فحذفناها.
[72003]:من م، وفي الأصل و ظ: لأبوابها أطرافه.
[72004]:من م، وفي الأصل و ظ: لأبوابها أطرافة.
[72005]:من م، وفي الأصل و ظ: ملكت.
[72006]:زيد من ظ و م.
 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{إِذَا ٱلسَّمَآءُ ٱنفَطَرَتۡ} (1)

مقدمة السورة:

بيان إجمالي للسورة

هذه السورة مكية وآياتها تسع عشرة آية . وهي شبيهة بسورة " التكوير " في مضمونها وطبيعة معانيها ومقاصدها . كذكر الساعة وأخبارها وأهوالها وما يقع فيها من أحداث جسام تأتي على الكون كله فيندكّ اندكاكا ، ويتبدل تبديلا . ويكشف عن ذلك قوارع الكون في هذا اليوم العصيب كانفطار السماء ، وانتثار الكواكب ، وتفجر البحار ، وتبعثر القبور وغير ذلك من الأحداث والنوازل الكونية .

بسم الله الرحمان الرحيم

{ إذا السماء انفطرت 1 وإذا الكواكب انتثرت 2 وإذا البحار فجّرت 3 وإذا القبور بعثرت 4 علمت نفس ما قدمت وأخرت 5 يا أيها الإنسان ما غرّك بربك الكريم 6 الذي خلقك فسواك فعدلك 7 في أي صورة ما شاء ركّبك 8 كلا بل تكذبون بالدين 9 وإن عليكم لحافظين 10 كراما كاتبين 11 يعلمون ما تفعلون } .

هذه جملة أخرى من الأحداث والنوازل الرهيبة التي تأتي على الكون بنجومه وكواكبه وجباله وسائر أجرامه فتدكّه دكّا وتبدله تبديلا . كل ذلك نستشعره ونتخيله بما يتجلى في هاتيك الآيات من تصوير عجيب مذهل يزجي للذهن والخيال صورة مشهودة ومتخيلة عن حقيقة القيامة بأخبارها المخوفة وعظائمها الشداد . وقد تقدم في الخبر عن عبد الله بن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من سرّه أن ينظر إلى القيامة رأي عين فليقرأ { إذا الشمس كوّرت ، إذا السماء انفطرت ، إذا السماء انشقت } .

قوله : { إذا السماء انفطرت } أي تفطرت السماء من هيبة الله . من الفطر وهو الشق . فطره فانفطر وتفطّر الشيء أي تشقق{[4772]} .


[4772]:مختار الصحاح 507.