تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{وَتَرَكۡنَا فِيهَآ ءَايَةٗ لِّلَّذِينَ يَخَافُونَ ٱلۡعَذَابَ ٱلۡأَلِيمَ} (37)

آية : علامة .

وجعلنا بَلَدهم عِبرةً بما أنزلنا بِها من العذابِ والدّمارِ ، وذِكرى للّذين يخافون الله .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَتَرَكۡنَا فِيهَآ ءَايَةٗ لِّلَّذِينَ يَخَافُونَ ٱلۡعَذَابَ ٱلۡأَلِيمَ} (37)

{ وَتَرَكْنَا فِيهَا آيَةً لِلَّذِينَ يَخَافُونَ الْعَذَابَ الْأَلِيمَ } يعتبرون بها ويعلمون ، أن الله شديد العقاب ، وأن رسله صادقون ، مصدقون .

فصل في ذكر بعض ما تضمنته هذه القصة من الحكم والأحكام

منها : أن من الحكمة ، قص الله على عباده نبأ الأخيار والفجار ، ليعتبروا بحالهم{[851]}  وأين وصلت بهم الأحوال .

ومنها : فضل إبراهيم الخليل ، عليه الصلاة والسلام ، حيث ابتدأ الله قصته ، بما يدل على الاهتمام بشأنها ، والاعتناء بها .

ومنها : مشروعية الضيافة ، وأنها من سنن إبراهيم الخليل ، الذي أمر الله هذا النبي{[852]}  وأمته ، أن يتبعوا ملته ، وساقها الله في هذا الموضع ، على وجه المدح له والثناء .

ومنها : أن الضيف يكرم بأنواع الإكرام ، بالقول ، والفعل ، لأن الله وصف أضياف إبراهيم ، بأنهم مكرمون ، أي : أكرمهم إبراهيم ، ووصف الله ما صنع بهم من الضيافة ، قولاً وفعلاً ، ومكرمون أيضًا عند الله تعالى .

ومنها : أن إبراهيم عليه السلام ، قد كان بيته ، مأوى للطارقين والأضياف ، لأنهم دخلوا عليه من غير استئذان ، وإنما سلكوا طريق الأدب ، في الابتداء السلام{[853]}  فرد عليهم إبراهيم سلامًا ، أكمل من سلامهم وأتم ، لأنه أتى به جملة اسمية ، دالة على الثبوت والاستمرار .

ومنها : مشروعية تعرف من جاء إلى الإنسان ، أو صار له فيه نوع اتصال ، لأن في ذلك ، فوائد كثيرة .

ومنها : أدب إبراهيم ولطفه في الكلام ، حيث قال : { قَوْمٌ مُنْكَرُونَ } ولم يقل : { أنكرتكم } [ وبين اللفظين من الفرق ، ما لا يخفى ] .

ومنها : المبادرة إلى الضيافة والإسراع بها ، لأن خير البر عاجله [ ولهذا بادر إبراهيم بإحضار قرى أضيافه ] .

ومنها : أن الذبيحة الحاضرة ، التي قد أعدت لغير الضيف الحاضر{[854]}  إذا جعلت له ، ليس فيها أقل إهانة ، بل ذلك من الإكرام ، كما فعل إبراهيم عليه السلام ، وأخبر الله أن ضيفه مكرمون .

ومنها : ما من الله به على خليله إبراهيم ، من الكرم الكثير ، وكون ذلك حاضرًا عنده{[855]}  وفي بيته معدًا ، لا يحتاج إلى أن يأتي به{[856]}  من السوق ، أو الجيران ، أو غير ذلك .

ومنها : أن إبراهيم ، هو الذي خدم أضيافه ، وهو خليل الرحمن ، وكبير{[857]}  من ضيف الضيفان .

ومنها : أنه قربه إليهم في المكان الذي هم فيه ، ولم يجعله في موضع ، ويقول لهم : { تفضلوا ، أو ائتوا إليه } لأن هذا أيسر عليهم وأحسن .

ومنها : حسن ملاطفة الضيف في الكلام اللين ، خصوصًا ، عند تقديم الطعام إليه ، فإن إبراهيم عرض عليهم عرضًا لطيفًا ، وقال : { أَلَا تَأْكُلُونَ } ولم يقل : { كلوا } ونحوه من الألفاظ ، التي غيرها أولى منها ، بل أتى بأداة العرض ، فقال : { أَلَا تَأْكُلُونَ } فينبغي للمقتدي به أن يستعمل من الألفاظ الحسنة ، ما هو المناسب واللائق بالحال ، كقوله لأضيافه : { ألا تأكلون } أو : " ألا تتفضلون علينا وتشرفوننا وتحسنون إلينا " ونحوه .

ومنها : أن من خاف من الإنسان{[858]}  لسبب من الأسباب ، فإن عليه أن يزيل عنه الخوف ، ويذكر له ما يؤمن روعه ، ويسكن جأشه ، كما قالت الملائكة لإبراهيم [ لما خافهم ] : { لَا تَخَفْ } وأخبروه بتلك البشارة السارة ، بعد الخوف منهم .

ومنها : شدة فرح سارة ، امرأة إبراهيم ، حتى جرى منها ما جرى ، من صك وجهها ، وصرتها غير المعهودة .

ومنها : ما أكرم الله به إبراهيم وزوجته سارة ، من البشارة ، بغلام عليم .


[851]:- في ب ليعتبروا بهم.
[852]:- أمر الله محمدًا وأمته
[853]:- في ب: في ابتداء السلام.
[854]:- كذا في ب، وفي أ: الخاص.
[855]:- في ب: لديه.
[856]:- كذا في ب، وفي أ: أن يستلحقه.
[857]:- في ب: وسيد.
[858]:- في ب: من أحد.
 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{وَتَرَكۡنَا فِيهَآ ءَايَةٗ لِّلَّذِينَ يَخَافُونَ ٱلۡعَذَابَ ٱلۡأَلِيمَ} (37)

{ وتركنا فيها } باهلاكهم { آية } علامة للخائفين تدل على أن الله أهلكهم

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{وَتَرَكۡنَا فِيهَآ ءَايَةٗ لِّلَّذِينَ يَخَافُونَ ٱلۡعَذَابَ ٱلۡأَلِيمَ} (37)

" وتركنا فيها آية " أي عبرة وعلامة لأهل ذلك الزمان ومن بعدهم ، نظيره : " ولقد تركنا منها آية بينة لقوم يعقلون{[14242]} " [ العنكبوت : 35 ] . ثم قيل : الآية المتروكة نفس القرية الخربة . وقيل : الحجارة المنضودة التي رجموا بها هي الآية . " للذين يخافون " لأنهم المنتفعون{[14243]} .


[14242]:راجع جـ 13 ص 343.
[14243]:في ح "المشفقون".
 
التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{وَتَرَكۡنَا فِيهَآ ءَايَةٗ لِّلَّذِينَ يَخَافُونَ ٱلۡعَذَابَ ٱلۡأَلِيمَ} (37)

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{وَتَرَكۡنَا فِيهَآ ءَايَةٗ لِّلَّذِينَ يَخَافُونَ ٱلۡعَذَابَ ٱلۡأَلِيمَ} (37)

ولما-{[61398]} وكان إبقاء آثار المهلكين أدل على قدرة من أهلكهم قال : { وتركنا } أي بما لنا من العظمة { فيها } أي تلك القرى بما أوقعنا بها{[61399]} من العذاب الذي كان مبدأه أنسب شيء بفعل الذاريات {[61400]}من السحاب{[61401]} فإنا قلعنا قراهم كلها وصعدت في الجو كالغمام إلى عنان السماء ولم يشعر أحد من أهلها بشيء من ذلك ثم قلبت وأتبعت الحجارة ثم خسف بها وغمرت بالماء الذي لا يشبه شيئاً من مياه الأرض كما أن خباثتهم{[61402]} لم تشبه خباثة{[61403]} أحد ممن تقدمهم من أهل الأرض { آية } أي علامة عظيمة على قدرتنا على ما نريد { للذين يخافون } كما تقدم آخر " ق " أنهم المقصودون في الحقيقة بالإنذار لأنهم المنتفعون به دون من قسا قلبه ولم يعتبر { العذاب الأليم * } أي أن يحل بهم كما حل بهذه القرى في الدنيا من رفع الملائكة لهم في الهواء الذاري إلى عنان السماء وقلبهم وإتباعهم الحجارة المحرقة ، وغمرهم بالماء المناسب لفعلهم بنتنه وعدم نفعه ، وما ادخر لهم في الآخرة أعظم .


[61398]:زيد من مد.
[61399]:من مد، وفي الأصل: فيها.
[61400]:في مد: بالسحاب.
[61401]:في مد: بالسحاب.
[61402]:من مد، وفي الأصل: جنايتهم.
[61403]:من مد، وفي الأصل: جناية.
 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{وَتَرَكۡنَا فِيهَآ ءَايَةٗ لِّلَّذِينَ يَخَافُونَ ٱلۡعَذَابَ ٱلۡأَلِيمَ} (37)

قوله : { وتركنا فيها آية للذين يخافون العذاب الأليم } أي تركنا في موضع القرية التي أهلك أهلها علامة من بعدهم ليعتبر بها من يعتبر وهو قوله : { للذين يخافون العذاب الأليم } أي الذين يخشون أن يحل بهم من العقاب ما حل بالسابقين من قبلهم . وقيل : المراد بالآية الدالة على هلاك قوم لوط ، أن جعل الله محلتهم بحيرة منتنة وهي بحيرة لوط . ويشهد بذلك ما يجده الباحثون في الزمن الراهن من آثار الهالكين ومساكنهم الغائصة في أعماق البحر الميت{[4340]} .


[4340]:تفسير القرطبي جـ 17 ص 44-49 وفتح القدير جـ 5 ص 88، 89.