ولما كان من المعلوم أن السامع يقول لمن أحاط علمه بهم ويعلم سرهم وعلنهم : يا رب ! بل رجعوا ، أجيب بقوله : { بل } أي لم يرجعوا بل استمروا لأجل إظهاري لقدرتي على القلوب بإقحام أربابها برضاهم واختيارهم في أقبح الخطوب وأفحش الذنوب على ترك الطريق المنيع والصراط الأقوم وزاغوا عنه زيغاً عظيماً ، واستمروا في ضلالهم وتيههم ولم أعاجلهم بالعقوبة لأني { متعت } بإفراده ضميره سبحانه لأن التمتيع يتضمن إطالة العمر التي لا يقدر عليها ظاهراً ولا باطناً سواه وأما الانتقام فقد يجعله بأيدي عباده من الملائكة وغيرهم فهو من وادي
{ سنستدرجهم من حيث لا يعلمون وأملي لهم إن كيدي متين }[ القلم : 45 ] { هؤلاء } أي الذين بحضرتك من المشركين وأعداء الدين { وآباءهم } فمددت من الأعمار مع سلامة الأبدان ومتانة الأركان ، وإسباغ النعم والإعفاء من البلايا والنقم ، فأبطرتهم نعمي وأزهدتهم أيادي جودي وكرمي ، وتمادى بهم ركوب ذلك الباطل { حتى جاءهم الحق } بهذا الدين المتين { ورسول مبين } أي أمره ظاهر في نفسه ، لو لم تكن فيه آيات مبينة كانت بديهية تنبئك بالخبر وهو مع ظهوره في نفسه مظهر لكل معنىً يحتاج إليه ، و { متعت } بالخطاب من لسان الرسول المنزل عليه هذا الكتاب لأنه يدعو انتهازاً للفرصة لعله يجاب بما يزيل الغصة يقول : يا رب ! قد أقمتهم لمن يجهل العواقب في مقام من يرجى رجوعه فما قضيت بذلك بل متعت إلى آخره .
قوله : { بل متعت هؤلاء وآباءهم } متّع الله هؤلاء المشركين والذين من قبلهم من السالفين الذين عبدوا من دون الله آلهة- متعهم جميعا بالحياة والأهل والأولاد والأموال وضروب النعم ولم يعاجلهم بالعقاب { حتّى جاءهم الحقّ ورسول مبين } أي متّعهم الله بما ذكر حتى نزّل عليهم القرآن وهو الحق من ربهم وجاءهم من عند الله رسول كريم يدعوهم إلى دين الله ويبين سبيل السعادة والنجاة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.