الأولى- قوله تعالى : " وإن يونس لمن المرسلين " يونس هو ذو النون ، وهو ابن متى ، وهو ابن العجوز التي نزل عليها إلياس ، فاستخفى عندها من قومه ستة أشهر ويونس صبي يرضع ، وكانت أم يونس تخدمه بنفسها وتؤانسه ، ولا تدخر عنه كرامة تقدر عليها . ثم إن إلياس سئم ضيق البيوت فلحق بالجبال ، ومات ابن المرأة يونس ، فخرجت في أثر إلياس تطوف وراءه في الجبال حتى وجدته ، فسألته أن يدعو الله لها لعله يحيى لها ولدها ، فجاء إلياس إلى الصبي بعد أربعة عشر يوما من موته ، فتوضأ وصلى ودعا الله فأحيا الله يونس بن متى بدعوة إلياس عليه السلام . وأرسل الله يونس إلى أهل نينوى من أرض الموصل وكانوا يعبدون الأصنام ثم تابوا ، حسبما تقدم بيانه في سورة " يونس " {[13301]} ومضى في " الأنبياء " {[13302]} قصة يونس في خروجه مغاضبا . واختلف في رسالته هل كانت قبل التقام الحوت إياه أو بعده . قال الطبري عن شهر بن حوشب : إن جبريل عليه السلام أتى يونس فقال : انطلق إلى أهل نينوى فأنذرهم أن العذاب قد حضرهم . قال : ألتمس دابة . قال : الأمر أعجل من ذلك . قال : ألتمس حذاء . قال : الأمر أعجل من ذلك . قال : فغضب فانطلق إلى السفينة فركب ، فلما ركب السفينة احتبست السفينة لا تتقدم ولا تتأخر . قال : فتساهموا ، قال : فسهم ، فجاء الحوت يبصبص بذنبه ؛ فنودي الحوت : أيا حوت ! إنا لم نجعل لك يونس رزقا ، إنما جعلناك له حرزا ومسجدا . قال : فالتقمه الحوت من ذلك المكان حتى مر به إلى الأبلة ، ثم انطلق به حتى مر به على دجلة ، ثم انطلق حتى ألقاه في نينوى . حدثنا الحارث قال حدثنا الحسن قال حدثنا أبو هلال قال حدثنا شهر بن حوشب عن ابن عباس قال : إنما كانت رسالة يونس بعد ما نبذه الحوت ، واستدل هؤلاء بأن الرسول لا يخرج مغاضبا لربه ، فكان ما جرى منه قبل النبوة . وقال آخرون : كان ذلك منه بعد دعائه من أرسل إليهم إلى ما أمره الله بدعائهم إليه ، وتبليغه إياهم رسالة ربه ، ولكنه وعدهم نزول ما كان حذرهم من بأس الله في وقت وقته لهم ففارقهم إذ لم يتوبوا ولم يراجعوا طاعة الله ، فلما أظل القوم العذاب وغشيهم - كما قال الله تعالى في تنزيله - تابوا إلى الله ، فرفع الله العذاب عنهم ، وبلغ يونس سلامتهم وارتفاع العذاب الذي كان وعدهموه فغضب من ذلك وقال : وعدتهم وعدا فكذب وعدي . فذهب مغاضبا ربه وكره الرجوع إليهم ، وقد جربوا عليه الكذب ، رواه سعيد بن جبير عن ابن عباس . وقد مضى هذا في " الأنبياء " وهو الصحيح على ما يأتي عند قوله تعالى : " وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون " [ الصافات : 147 ] . ولم ينصرف يونس ؛ لأنه اسم أعجمي ولو كان عربيا لانصرف وإن كانت في أول الياء ؛ لأنه ليس في الأفعال يفعل كما أنك إذا سميت بيُعفر صرفته{[13303]} ، وإن سميت بيَعفر لم تصرفه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.