الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي  
{وَمَآ أَدۡرَىٰكَ مَا ٱلۡعَقَبَةُ} (12)

قوله تعالى : { وما أدراك ما العقبة } . فيه حذف ، أي وما أدراك ما اقتحام العقبة . وهذا تعظيم لالتزام أمر الدين ، والخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم ، ليعلمه اقتحام العقبة . قال القشيري : وحمل العقبة على عقبة جهنم بعيد ؛ إذ أحد في الدنيا لم يقتحم عقبة جهنم ، إلا أن يحمل على أن المراد فهلا صير نفسه بحيث يمكنه اقتحام عقبة جهنم غدا . واختار البخاري قول مجاهد : إنه لم يقتحم العقبة في الدنيا . قال ابن العربي : وإنما اختار ذلك لأجل أنه قال بعد ذلك في الآية الثانية : " وما أدراك ما العقبة " ؟ ثم قال في الآية الثالثة : " فك رقبة " ، وفي الآية الرابعة " أو إطعام في يوم ذي مسغبة " ، ثم قال في الآية الخامسة : " يتيما ذا مقربة " ، ثم قال في الآية السادسة : " أو مسكينا ذا متربة " ؛ فهذه الأعمال إنما تكون في الدنيا . المعنى : فلم يأت في الدنيا بما يسهل عليه سلوك العقبة في الآخرة . وقال سفيان ابن عيينة : كل شيء قال فيه " وما أدراك " ؟ فإنه أخبر به ، وكل شيء قال فيه " وما يدريك " ؟ فإنه لم يخبر به .