الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي  
{وَجِاْيٓءَ يَوۡمَئِذِۭ بِجَهَنَّمَۚ يَوۡمَئِذٖ يَتَذَكَّرُ ٱلۡإِنسَٰنُ وَأَنَّىٰ لَهُ ٱلذِّكۡرَىٰ} (23)

" وجيء يومئذ بجهنم " قال ابن مسعود ومقاتل : تقاد جهنم بسبعين ألف زمام ، كل زمام بيد سبعين ألف ملك ، لها تغيظ وزفير ، حتى تنصب عن يسار العرش . وفي صحيح مسلم عن عبد اللّه بن مسعود قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : [ يؤتى بجهنم ، لها سبعون ألف زمام ، مع كل زمام سبعون ألف ملك يجرونها ] . وقال أبو سعيد الخدري : لما نزلت " وجيء يومئذ بجهنم " تغير لون رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، وعرف في وجهه . حتى اشتد على أصحابه ، ثم قال : [ أقرأني جبريل " كلا إذا دكت الأرض دكا دكا " الآية ، جيء يومئذ بجهنم ] . قال علي رضي اللّه عنه : قلت يا رسول اللّه ، كيف يجاء بها ؟ قال : ( تؤتى بها تقاد بسبعين ألف زمام ، يقود بكل زمام سبعون ألف ملك ، فتشرد شردة لو تركت لأحرقت أهل الجمع ثم تعرض لي جهنم فتقول : ما لي ولك يا محمد ، إن اللّه قد حرم لحمك علي ) فلا يبقى أحد إلا قال نفسي نفسي إلا محمد صلى اللّه عليه وسلم فإنه يقول : رب أمتي رب أمتي

قوله تعالى : " يومئذ يتذكر الإنسان " أي يتعظ ويتوب . وهو الكافر ، أو من همته معظم الدنيا{[16061]} . " وأنى له الذكرى " أي ومن أين له الاتعاظ والتوبة وقد فرط فيها في الدنيا . ويقال : أي ومن أين له منفعة الذكرى . فلا بد من تقدير حذف المضاف ، وإلا فبين " يومئذ يتذكر " وبين " وأنى له الذكرى " تناف . قاله الزمخشري .


[16061]:هكذا وردت في جميع نسخ الأصل. وفي تفسير ابن عادل: "ومن همته الدنيا".