لطائف الإشارات للقشيري - القشيري  
{تَعۡرِفُ فِي وُجُوهِهِمۡ نَضۡرَةَ ٱلنَّعِيمِ} (24)

قوله جلّ ذكره : { تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ } .

مَنْ نظر إليهم عَلِمَ أنَّ أثََرَ نَظَرِه إلى مولاه ما يلوح على وجه من النعيم ؛ فأحوال المحبِّ شهودٌ عليه أبداً . فإنْ كان الوقتُ وقتَ وصالٍ فاختيالُه ودلالُه ، وسرورُه وحبورُه ، ونشاطُه وانبساطُه . وإِنْ كان الوقتُ وقتَ غيبةٍ وفراق فالشهودُ عليه نحولُه وذبولُه ، وحنينُه وأنينه ، ودموعُه وهجوعُه . . . وفي معناه قلت :

يا مَنْ تَغَيُّرُ صورتي لَمَّا بدا *** - لجميع ما ظنوا بنا - تحقيقُ

وقلت :

ولمَّا أتَى الواشين أنِّي زُرْتُها *** جَحَدُتُ حذاراً أنْ تَشِيعَ السرائرُ

فقالوا : نرى في وجهِك اليومَ نضرةً *** كَسَتْ مُحيَّاك . . وهاذاك ظاهِرُ !

وبُرْدُكَ لا ذاك الذي كان قبلَه *** به طِيبُ نَشْرٍ لم تُشِعْهُ المجامِرُ

فما كان منِّي من بيانٍ أُقيمه *** وهيهات أن يخفي مُريبٌ مساتِرُ !