في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَٱللَّهُ أَعۡلَمُ بِأَعۡدَآئِكُمۡۚ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ وَلِيّٗا وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ نَصِيرٗا} (45)

44

ومن ثم يعقب على إبراز هذه المحاولة من اليهود ، بالتصريح بأن هؤلاء أعداء للمسلمين . وبتطمين الجماعة المسلمة إلى ولاية الله ونصره ، إزاء تلك المحاولة :

( والله أعلم بأعدائكم . وكفى بالله وليا . وكفى بالله نصيرا ) . .

وهكذا يصرح العداء ويستعلن ، بين الجماعة المسلمة واليهود في المدينة . . وتتحدد الخطوط . .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَٱللَّهُ أَعۡلَمُ بِأَعۡدَآئِكُمۡۚ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ وَلِيّٗا وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ نَصِيرٗا} (45)

وقوله : { والله أعلم بأعدائكم } خبر في ضمنه التحذير منهم ، و في قوله : { وكفى بالله } في موضع رفع بتقدير زيادة الخافض{[4086]} ، وفائدة زيادته تبيين معنى الأمر في لفظ الخبر ، أي اكتفوا بالله ، فالباء تدل على المراد من ذلك ، { ولياً } فعيلاً ، و { نصيراً } كذلك ، من الولاية والنصر .


[4086]:-زيادة الباء في فاعل (كفى) مطردة: والشواهد على ذلك كثيرة، ويجوز حذفها كما قال سحيم: *كفى الشيب والإسلام للمرء ناهيا*
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَٱللَّهُ أَعۡلَمُ بِأَعۡدَآئِكُمۡۚ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ وَلِيّٗا وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ نَصِيرٗا} (45)

جملة { والله أعلم بأعدائكم } معترضة ، وهي تعريض ؛ فإنّ إرادتهم الضلالة للمؤمنين عن عداوة وحسد .

وجملة { وكفى بالله ولياً وكفى بالله نصيراً } [ النساء : 45 ] تذييل لتَطْمئنّ نفوس المؤمنين بنصر الله ، لأنّ الإخبار عن اليهود بأنّهم يريدون ضلال المسلمين ، وأنّهم أعداء للمسلمين ، من شأنه أن يلقي الروع في قلوب المسلمين ، إذ كان اليهود المحاورون للمسلمين ذوي عَدد وعُدد ، وبيدهم الأموال ، وهم مبثوثون في المدينة وما حولها : من قينقاع وقريظة والنضِير وخِيْبر ، فعداوتهم ، وسوء نواياهم ، ليسا بالأمر الذي يستهان به ؛ فكان قوله : { وكفى بالله ولياً } مناسباً لقوله : { ويريدون أن تضلوا السبيل } ، أي إذا كانوا مضمرين لكم السوء فاللَّه وليّكم يهديكم ويتولّى أموركم شأن الوليّ مع مولاه ، وكان قوله : { وكفى بالله نصيراً } مناسباً لقوله : { بأعدائكم } ، أي فاللَّه ينصركم .

وفعل ( كفى ) في قوله : { وكفى بالله ولياً وكفى بالله نصيراً } مستعمل في تقوية اتّصاف فاعله بوصف يدلّ عليه التمييز المذكورُ بعده ، أي أنّ فاعل ( كفى ) أجدر من يتّصف بذلك الوصف ، ولأجل الدلالة على هذا غلَب في الكلام إدخال باء على فاعل فعل كفى ، وهي باء زائدة لتوكيد الكفاية ، بحيث يحصل إبهام يشوّق السامع إلى معرفة تفصيله ، فيأتون باسم يُميّز نوع تلك النسبة ليتمكّن المعنى في ذهن السامع .

وقد يجيء فاعل ( كفى ) غير مجرور بالباء ، كقول عبدِ بني الحسحاس :

كفَى الشيبُ والإسلام للمرء ناهياً

وجعل الزجّاج الباء هنا غير زائدة وقال : ضُمّن فعل كفَى معنى اكتف ، واستحسنه ابن هشام .

وشذّت زيادة الباء في المفعول ، كقول كعب بن مالك أو حسّان بن ثابت :

فكفَى بنَا فضلاً على مَنْ غَيْرُنا *** حُبَّ النبي محمّد إيّانا

وجزم الواحدي في شرح قول المتنبّي :

كفى بجسمي نحولا أنّني رجل *** لولا مخاطبتي إيّاك لم ترني

بأنه شذوذ .

ولا تزاد الباء في فاعل { كفى } بمعنى أجزأ ، ولا التي بمعنى وقّى ، فرقا بين استعمال كفى المجازي واستعمالها الحقيقي الذي هو معنى الاكتفاء بذات الشيء نحو :

كفاني ولم أطلب قليل من المال