التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي  
{وَٱللَّهُ أَعۡلَمُ بِأَعۡدَآئِكُمۡۚ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ وَلِيّٗا وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ نَصِيرٗا} (45)

وقوله { والله أَعْلَمُ بِأَعْدَائِكُمْ } جملة معترضة للتأكيد والتحذير .

أى : والله - تعالى - أعلم أعدائكم منكم - أيها المؤمنون - وقد أخبركم بأحوالهم وبما يبيتون لكم من شرور فاحذروهم ولا تلتفتوا إلى أقوالهم وأعدوا العدة لتأديبهم دفاعا عن دينكم وعقيدتكم .

وقوله { وكفى بالله وَلِيّاً وكفى بالله نَصِيراً } تذييل قصد به غرس الطمأنينة فى نفوس المؤمنين بأن العاقبة لهم .

أى : { وكفى بالله وَلِيّاً } يتولى أموركم ، ويصلح بالكم ، { وكفى بالله نَصِيراً } يدفع عنكم مكرهم وشرورهم ؛ وما دام الأمر كذلك فاكتفوا بولايته ونصرته . واعتصموا بحبله ، وأطيعوا أمره ، ولا تكونوا فى ضيق من مكر أعدائكم فإن الله ناصركم عليهم بفضله وإحسانه .

وقوله { وكفى } فعل ماض . ولفظ الجلالة فاعل والباء مزيدة فيه لتأكيد الكافية . ووليا ونصيرا منصوبان على التمييز . وقيل على الحال .

وكرر - سبحانه - الفعل كفى لإِلقاء الطمأنينة فى قلوب المؤمنين ، لأن التكرار فى مثل هذا المقام يكون أكثر تأثيرا فى القلب ، وأشد مبالغة فيما سيق الكلام من أجله .

فكأنه - سبحانه - يقول لهم : اكتفوا بولاية الله ونصرته ، وكفاكم الله الولاية والنصرة والمعونة . ومن كان الله كافيه نصره على عدوه فاطمئنوا ولا تخافوا .