ثم قال : { والله أعلم بأعدائكم } أي : أعْلَم بما في قُلُوبهم وصدورهم من العَدَاوة والبَغْضاء .
قوله : { وكفى بالله ولياً } تقدم الكلام عليه أوّل السُّورة ، وكذا الكلام في المَنْصُوب بَعْده ، والمعنى : أنه - تعالى - لما بيَّن شِدَّة عداوتِهم للمسْلِمين ، بين أنه - تعالى - وليُّ المؤمِنين ونَاصِرُّهُم .
فإن قيل : ولاية اللَّه لعبده عِبارةَ عن نُصْرَته ، فَذكْر النَّصِير{[11]} بعد ذِكر الوَلِي{[12]} تكْرَارٌ .
فالجواب : أن الوَلِيَّ هو المُتَصرِّف في الشَّيْء ، والمتصرِّف في الشَّيء يجب أن يكُونَ نَاصِراً .
فإن قيل : ما الفَائِدة من تكْرار قوله : " وكفى بالله " .
فالجواب : أن التِّكْرَار في مِثل هذا المقَام يكون أشَد تَأثِيراً في القَلْب ، وأكْثَر مُبَالَغَة .
فإن قيل : ما فائدة تكرار الباء في قوله : " بالله " فذكروا وجوهاً :
أحدها : لَوْ قيل : كفى اللَّه ، يتصل الفِعْل بالفَاعِل ثم ههُنا زيدَت البَاء إيذَاناً بأن الكفاية من الله لَيْسَت كالكِفَايَة من غَيْره .
وثانيها : قال ابن السَّرَّاج{[13]} : تقديره : كفى اكْتِفَاؤُه باللَّه وَلِيًّا ، ولما ذكرت " كفى " دلَّ على الاكتفاءِ ؛ كما تقول : من كذب كان شَرّاً له ، أي : كان الكَذِبُ شرًّا له ، فأضمرته لدلالة الفِعْل عليه .
وثالثها : قال ابن الخَطيب{[14]} : البَاءُ في الأصْل للإلْصَاقِ ، وإنما يَحْسُن في المؤثِّر لذي لا وَاسِطَة بَيْنَهُ وبين التَّأثِير ، فلو قيل : كَفَى اللَّهُ ، دلَّ ذلك على كَوْنِهِ فاعلاً لهذه الكِفَايَةِ ، ولكن لا يَدُلُّ [ ذَلِك على أنَّهُ فعل ]{[15]} بِواسِطَة أو غير وَاسِطَة ، فإذا ذَكَرْت البَاء ، دلَّ على أنه - تعالى - يَفْعَل بغير واسِطَة ، بل هو - تعالى - يتكفَّل به ابتداء من غير واسطَة ؛ كقوله : { وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ } [ ق : 16 ] .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.