{ والله أعلم بأعدائكم } فيه تنبيه على الوصف المنافي لوداد الخير للمؤمنين وهي العداوة .
وفيه إشارة إلى التحذير منهم ، وتوبيخ على الاستنامة إليهم والركون ، والمعنى : أنه تعالى قد أخبر بعداوتهم للمؤمنين ، فيجب حذرهم كما قال تعالى : { هم العدو فاحذرهم } واعلم على بابها من التفضيل ، أي : أعلم بأعدائكم منكم .
وقيل : بمعنى عليم ، أي عليم بأعدائكم .
{ وكفى بالله ولياً وكفى بالله نصيراً } ومن كان الله وليه ونصيره فلا يبالي بالأعداء ، فثقوا بولايته ونصرته دونهم أو لا تبالوا بهم ، فإنه ينصركم عليهم ، ويكفيكم مكرهم .
وقيل : المعنى ولياً لرسوله ، نصيراً لدينه .
والباء في بالله زائدة ويجوز حذفها كما قال : سحيم :
كفى الشيب والإسلام للمرء ناهيا *** وزيادتها في فاعل كفى وفاعل يكفي مطردة كما قال تعالى : { أو لم يكف بربك إنه على كل شيء شهيد } وقال الزجاج : دخلت الباء في الفاعل ، لأن معنى الكلام الأمر أي : اكتفوا بالله .
وكلام الزجاج مشعر أن الباء ليست بزائدة ، ولا يصح ما قال من المعنى ، لأن الأمر يقتضي أن يكون فاعله هم المخاطبون ، ويكون بالله متعلقاً به .
وكون الباء دخلت في الفاعل يقتضي أن يكون الفاعل هو الله لا المخاطبون ، فتناقض قوله .
وقال ابن السراج : معناه كفى الاكتفاء بالله ، وهذا أيضاً يدل على أن الباء ليست زائدة إذ تتعلق بالاكتفاء ، فالاكتفاء هو الفاعل لكفى .
وهذا أيضاً لا يصح لأنّ فيه حذف المصدر وهو موصول ، وإبقاء معموله وهو لا يجوز إلا في الشعر نحو قوله :
هل تذكرنّ إلى الدّيرين هجرتكم *** ومسحكم صلبكم رحمان قربانا
التقدير : وقولكم يا رحمن قرباناً .
وقال ابن عطية : بالله في موضع رفع بتقدير زيادة الخافض ، وفائدة زيادته تبيين معنى الأمر في صورة الخبر ، أي : اكتفوا بالله ، فالباء تدل على المراد من ذلك .
وهذا الذي قاله ابن عطية ملفق بعضه من كلام الزجاج ، وهو أفسد من قول الزجاج ، لأنه زاد على تناقض اختلاف الفاعل تناقض اختلاف معنى الحرف ، إذ بالنسبة لكون الله فاعلاً هو زائد ، وبالنسبة إلى أن معناه اكتفوا بالله هو غير زائد .
وقال ابن عيسى : إنما دخلت الباء في كفى بالله لأنه كان يتصل الفاعل وبدخول الباء اتصل اتصال المضاف واتصال الفاعل ، لأن الكفارية منه ليست كالكفاية من غيره ، فضوعف لفظها لمضاعفة معناها ، وهو كلام يحتاج إلى تأويل .
وقد تقدم الكلام على كفى بالله في قوله : { فأشهدوا عليهم وكفى بالله حسيباً } لكن تكرر هنا لما تضمن من مزيد : نقول : ورد بعضها .
وانتصاب ولياً ونصيراً قيل : على الحال .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.