في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{قُلۡ إِنَّمَآ أَدۡعُواْ رَبِّي وَلَآ أُشۡرِكُ بِهِۦٓ أَحَدٗا} (20)

وعندما تنتهي حكاية مقالة الجن عن هذا القرآن ، وعن هذا الأمر ، الذي فاجأ نفوسهم ، وهز مشاعرهم وأطلعهم على انشغال السماء والأرض والملائكة والكواكب بهذا الأمر ؛ وعلى ما أحدثه من آثار في نسق الكون كله ؛ وعلى الجد الذي يتضمنه ، والنواميس التي تصاحبه .

عندما ينتهي هذا كله يتوجه الخطاب إلى الرسول [ صلى الله عليه وسلم ] في إيقاعات جادة صارمة حاسمة ، بالتبليغ ، والتجرد من هذا الأمر كله بعد التبليغ ، والتجرد كذلك من كل دعوى في الغيب أو في حظوظ الناس ومقادرهم . . وذلك كله في جو عليه مسحة من الحزن والشجى تناسب ما فيه من جد ومن صرامة :

قل : إنما أدعو ربي ولا أشرك به أحدا . قل : إني لا أملك لكم ضرا ولا رشدا . قل : إني لن يجيرني من الله أحدا ولن أجد من دونه ملتحدا . إلا بلاغا من الله ورسالاته . ومن يعص الله ورسوله فإن له نار جهنم خالدين فيها أبدا . حتى إذا رأوا ما يوعدون فسيعلمون من أضعف ناصرا وأقل عددا . قل : إن أدري أقريب ما توعدون أم يجعل له ربي أمدا . عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا . إلا من ارتضى من رسول . فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدا . ليعلم أن قد أبلغوا رسالات ربهم ، وأحاط بما لديهم وأحصى كل شيء عددا . .

قل يا محمد للناس : ( إنما أدعو ربي ولا أشرك به أحدا ) . . وهذا الإعلان يجيء بعد إعلان الجن لقومهم : ( ولن نشرك بربنا أحدا ) . . فيكون له طعمه وله إيقاعه . فهي كلمة الإنس والجن ، يتعارفان عليها . فمن شذ عنها كالمشركين فهو يشذ عن العالمين .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{قُلۡ إِنَّمَآ أَدۡعُواْ رَبِّي وَلَآ أُشۡرِكُ بِهِۦٓ أَحَدٗا} (20)

و { أدعو } معناه أعبده ، وقرأ جمهور السبعة وعلي بن أبي طالب : «قال إنما » ، وهذه قراءة تؤيد أن العبد نوح ، وقرأ عاصم وحمزة بخلاف عنه : «قال إنما » وهذه تؤيد بأنه محمد عليه السلام وإن كان الاحتمال باقياً من كليهما . واختلف القراء في فتح الياء من { ربي } وفي سكونها .