في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَبَٰرَكۡنَا عَلَيۡهِ وَعَلَىٰٓ إِسۡحَٰقَۚ وَمِن ذُرِّيَّتِهِمَا مُحۡسِنٞ وَظَالِمٞ لِّنَفۡسِهِۦ مُبِينٞ} (113)

69

ويباركه ويبارك إسحاق . ويجعل إسحاق نبياً من الصالحين :

( وبشرناه بإسحاق نبياً من الصالحين . وباركنا عليه وعلى إسحاق ) . .

وتتلاحق من بعدهما ذريتهما . ولكن وراثة هذه الذرية لهما ليست وراثة الدم والنسب إنما هي وراثة الملة والمنهج : فمن اتبع فهو محسن . ومن انحرف فهو ظالم لا ينفعه نسب قريب أو بعيد :

( ومن ذريتهما محسن وظالم لنفسه مبين ) . .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَبَٰرَكۡنَا عَلَيۡهِ وَعَلَىٰٓ إِسۡحَٰقَۚ وَمِن ذُرِّيَّتِهِمَا مُحۡسِنٞ وَظَالِمٞ لِّنَفۡسِهِۦ مُبِينٞ} (113)

قوله تعالى : { وباركنا عليه } يعني : على إبراهيم في أولاده ، { وعلى إسحاق } بكون أكثر الأنبياء من نسله ، { ومن ذريتهما محسن } أي : مؤمن ، { وظالم لنفسه } أي : كافر { مبين } ظاهر الكافر .

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{وَبَٰرَكۡنَا عَلَيۡهِ وَعَلَىٰٓ إِسۡحَٰقَۚ وَمِن ذُرِّيَّتِهِمَا مُحۡسِنٞ وَظَالِمٞ لِّنَفۡسِهِۦ مُبِينٞ} (113)

" وباركنا عليه وعلى إسحاق " أي ثنينا عليهما النعمة وقيل كثرنا ولدهما ، أي باركنا على إبراهيم وعلى أولاده ، وعلى إسحاق حين أخرج أنبياء بني إسرائيل من صلبه . وقد قيل : إن الكناية في " عليه " تعود على إسماعيل وأنه هو الذبيح . قال المفضل : الصحيح الذي يدل عليه القرآن أنه إسماعيل ، وذلك أنه قص قصة الذبيح ، فلما قال في آخر القصة : " وفديناه بذبح عظيم " ثم قال : " سلام عل إبراهيم . كذلك نجزي المحسنين " قال : " وبشرناه بإسحاق نبيا من الصالحين . وباركنا عليه " أي على إسماعيل " وعلى إسحاق " كنى عنه ؛ لأنه قد تقدم ذكره . ثم قال : " ومن ذريتهما " فدل على أنها ذرية إسماعيل وإسحاق ، وليس تختلف الرواة في أن إسماعيل كان أكبر من إسحاق بثلاث عشرة سنة .

قلت : قد ذكرنا أولا ما يدل على أن إسحاق أكبر من إسماعيل ، وأن المبشر به هو إسحاق بنص التنزيل ، فإذا كانت البشارة بإسحاق نصا فالذبيح لا شك هو إسحاق ، وبشر به إبراهيم مرتين : الأولى بولادته والثانية بنبوته . كما قال ابن عباس . ولا تكون النبوة إلا في حال الكبر و " نبيا " نصب على الحال والهاء في " عليه " عائدة إلى إبراهيم وليس لإسماعيل في الآية ذكر حتى ترجع الكناية إليه . وأما ما روي من طريق معاوية قال : سمعت رجلا يقول للنبي صلى الله عليه وسلم : يا ابن الذبيحين ، فضحك النبي صلى الله عليه وسلم . ثم قال معاوية : إن عبد المطلب لما حفر بئر زمزم ، نذر لله إن سهل عليه أمرها ليذبحن أحد ولده لله ، فسهل الله عليه أمرها ، فوقع السهم على عبد الله ، فمنعه أخواله بنو مخزوم ، وقالوا : افد ابنك ، ففداه بمائة من الإبل وهو الذبيح ، وإسماعيل هو الذبيح الثاني فلا حجة فيه ؛ لأن سنده لا يثبت على ما ذكرناه في كتاب الأعلام في معرفة مولد المصطفى عليه الصلاة والسلام ؛ ولأن العرب تجعل العم أبا ، قال الله تعالى : " قالوا نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق " [ البقرة : 133 ] وقال تعالى : " ورفع أبويه على العرش " [ يوسف : 100 ] وهما أبوه وخالته . وكذلك ما روي عن الشاعر الفرزدق عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم لو صح إسناده فكيف وفي الفرزدق نفسه مقال .

السابعة عشرة- قوله تعالى : " ومن ذريتهما محسن وظالم " لما ذكر البركة في الذرية والكثرة قال : منهم محسن ومنهم مسيء ، وإن المسيء لا تنفعه بنوة النبوة ؛ فاليهود والنصارى وإن كانوا من ولد إسحاق ، والعرب وإن كانوا من ولد إسماعيل ، فلا بد من الفرق بين المحسن والمسيء والمؤمن والكافر ، وفي التنزيل : " وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه " [ المائدة : 18 ] الآية ، أي أبناء رسل الله فرأوا لأنفسهم فضلا . وقد تقدم{[13294]} .


[13294]:راجع ج 6 ص 120 طبعة أولى أو ثانية.