في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{إِن تُبۡدُواْ شَيۡـًٔا أَوۡ تُخۡفُوهُ فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيۡءٍ عَلِيمٗا} (54)

49

ولا يقف السياق عند هذا الإنذار الهائل ، بل يستطرد إلى تهديد آخر هائل :

( إن تبدوا شيئا أو تخفوه ، فإن الله كان بكل شيء عليما ) . .

وإذن فالله هو الذي يتولى الأمر . وهو عالم بما يبدو وما يخفى ، مطلع على كل تفكير وكل تدبير . والأمر عنده عظيم . ومن شاء فليتعرض . فإنما يتعرض لبأس الله الساحق الهائل العظيم .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{إِن تُبۡدُواْ شَيۡـًٔا أَوۡ تُخۡفُوهُ فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيۡءٍ عَلِيمٗا} (54)

ولما كان بعض الدال على الكلام - كما مر - أصرح من بعض ، فكان الإنسان قد يضمر أن يفعل ما يؤذي إذا تمكن ، وقد يؤذي بفعل يفعله ، ويدعي أنه قصد شيئاً آخر مما لا يؤدي ، قال تعالى حاملاً لهم على التفطن والتنبه{[55991]} في الأقوال وغيرها والمقاصد الحسنة ظاهراً وباطناً ، على طريق الاستئناف في جواب من ربما انتهى بظاهره ، وهو عازم على أن يفعل الأذى عند التمكن : { إن تبدوا } أي بألسنتكم أو غيرها { شيئاً } أي{[55992]} من ذلك وغيره { أو تخفوه } أي في صدروكم .

ولما كان فعل من يخفي أمراً عن{[55993]} الناس فعل من يظن أنه يخفى على ربه ، قال مؤكداً تنبيهاً لفاعل ذلك على هذا اللازم لفعله ترهيباً له : { فإن الله } أي الذي له جميع صفات الكمال { كان } أزلاً وأبداً به ، هكذا كان الأصل ولكنه أتى بما يعمه وغيره فقال : { بكل شيء } أي{[55994]} من ذلك وغيره { عليماً * } فهو يعلم ما أسررتم وما أعلنتم وإن بالغتم في كتمه ، فيجازي عليه من ثواب أو عقاب .


[55991]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: التنبيه.
[55992]:زيد من ظ وم ومد.
[55993]:من م ومد، وفي الأصل: على، والعبارة من هنا بما فيها هذه الكلمة ساقطة في ظ إلى "اللازم لفعله".
[55994]:زيد من م ومد.