ويلتفت عنهم بعد هذه اللمسة الرفيقة ليسبح الله الذي أطلع لهم النبت والجنان ، وجعل الزرع أزواجاً ذكراناً وإناثاً كالناس وكغيرهم من خلق الله الذي لا يعلمه سواه :
( سبحان الذي خلق الأزواج كلها مما تنبت الأرض ومن أنفسهم ومما لا يعلمون ) . .
وهذه التسبيحة تنطلق في أوانها وفي موضعها ؛ وترتسم معها حقيقة ضخمة من حقائق هذا الوجود . حقيقة وحدة الخلق . . وحدة القاعدة والتكوين . . فقد خلق الله الأحياء أزواجاً . النبات فيها كالإنسان . ومثل ذلك غيرهما . . ( ومما لا يعلمون ) . . وإن هذه الوحدة لتشي بوحدة اليد المبدعة . التي توجد قاعدة التكوين مع اختلاف الأشكال والأحجام والأنواع والأجناس ، والخصائص والسمات ، في هذه الأحياء التي لا يعلم علمها إلا الله . .
ومن يدري فربما كانت هذه قاعدة الكون كله حتى الجماد ! وقد أصبح معلوماً أن الذرة - أصغر ما عرف من قبل من أجزاء المادة - مؤلفة من زوجين مختلفين من الإشعاع الكهربي ، سالب وموجب يتزاوجان ويتحدان ! كذلك شوهدت ألوف من الثنائيات النجمية . تتألف من نجمين مرتبطين يشد بعضهما بعضاً ، ويدوران في مدار واحد كأنما يوقعان على نغمة رتيبة !
{ سبحان الذي خلق الأزواج كلها } : أي تنزيها وتقديسا لله الذي خلق الأصناف كلها .
{ من أنفسهم } : أي الذكور والإِناث .
{ ومما لا يعلمون } : من المخلوقات كالتي في السموات وتحت الأرضين .
وقوله تعالى : { سبحان الذي خلق الأزواج كلها } أي : تنزيها وتقديساً لله الذي خلق الأزواج كلها { مما تنبت الأرض ومن أنفسهم ومما لا يعلمون } : يقدس تعالى نفسه وينزهها عن العجز عن إعادة الخلق ويُذكر بآيات القدرة والعلم ، وهي نظام الزوجية ، إذ كل المخلوقات أزواج أي أصناف من ذكر وأنثى فالنباتات على سائر اختلافها ذكر وأنثى ، والناس كذلك ، وما هو غائب عنا في السموات وفي بطن الأرض أزواج كذلك ولا وِتْرَ أي : لا فرد إلا الله تعالى فقد تنزه عن صفات الخلائق ، ومنها كان للحياة الدنيا نوع آخر هو لها كالزوج ، وهي الحياة الآخرة فهذا دليل عقلي من أقوى الأدلة على الحياة الثانية .
- دليل نظام الزوجيّة وهو آية على أن القرآن وحي الله وكلامه إذ قرر القرآن نظام الزوجية قبل معرفة الناس لهذا النظام في الذرة وغيرها في القرن العشرين .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.