وفي قولهم : إنها أساطير الأولين إشارة إلى بعدها في الزمان ؛ فلا يعلمها محمد [ صلى الله عليه وسلم ] إلا أن تملى عليه من حفاظ الأساطير ، الذين ينقلونها جيلا عن جيل . لذلك يرد عليهم بأن الذي يمليها على محمد أعلم من كل عليم . فهو الذي يعلم الأسرار جميعا ، ولا يخفى عليه نبأ في الأولين والآخرين : ( قل : أنزله الذي يعلم السر في السماوات والأرض ) . . فأين علم حفاظ الأساطير ورواتها من ذلك العلم الشامل ? وأين أساطير الأولين من السر في السماوات والأرض ? وأين النقطة الصغيرة من الخضم الذي لا ساحل له ولا قرار ?
ألا إنهم ليرتكبون الخطيئة الكبيرة ، وهم يدعون على رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] تلك الدعوى المتهافتة ؛ ومن قبل يصرون على الشرك بالله وهو خلقهم . . ولكن باب التوبة مع ذلك مفتوح ، والرجوع عن الإثم ممكن ، والله الذي يعلم السر في السماوات والأرض . ويعلم ما يفترون وما يكيدون ، غفور رحيم : ( إنه كان غفورا رحيما ) . .
أي : أنزل القرآن المشتمل على أخبار الأولين والآخرين إخباراً حقاً صدقاً مطابقاً للواقع في الخارج ، ماضيا ومستقبلا { أَنزلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ } أي : الله الذي يعلم غيب السموات والأرض ، ويعلم السرائر كعلمه بالظواهر .
وقوله : { إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا } : دعاء لهم إلى التوبة والإنابة ، وإخبار بأن رحمته واسعة ، وأن حلمه عظيم ، وأن من تاب إليه تاب عليه . فهؤلاء مع كذبهم وافترائهم وفجورهم وبهتهم وكفرهم وعنادهم ، وقولهم عن الرسول والقرآن ما قالوا ، يدعوهم إلى التوبة والإقلاع عما هم فيه إلى الإسلام والهدى ، كما قال تعالى : { لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلا إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ * أَفَلا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ } [ المائدة : 73 - 74 ] ، وقال تعالى : { إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ } [ البروج : 10 ] . قال الحسن البصري : انظروا إلى هذا الكرم والجود ، قتلوا أولياءه وهو يدعوهم إلى التوبة والرحمة [ سبحانه وتعالى ]{[21403]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.