تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{قُلۡ أَنزَلَهُ ٱلَّذِي يَعۡلَمُ ٱلسِّرَّ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۚ إِنَّهُۥ كَانَ غَفُورٗا رَّحِيمٗا} (6)

الآية 6 : ثم أخبر أنه إنما أنزله عليه ]قل أنزله الذي يعلم السر في السموات والأرض[ حين{[14318]} قال : ]قل أنزله الذي يعلم السر في السموات والأرض[ ليس بمختلق منه ولا مفترى .

ثم قوله : ]يعلم السر في السموات والأرض[ أي يعلم الأعمال الخفية والسرية من أهل السموات والأرض ، أي يعلم الكوامن التي في السموات والأرض وخفياتها .

وقال بعضهم : قوله : ]قل أنزله الذي يعلم السر[ أي قل لهم يا محمد : أنزله أي هذا القرآن الذي يعلم السر .

وذلك لأنهم{[14319]} قالوا بمكة سرا : ]هل هذا إلا بشر مثلكم[ بل هو ساحر ]أفتأتون السحر وأنتم تبصرون[ ( الأنبياء : 3 ) .

ففي ذلك دلالة إثبات رسالته لأنهم قالوا سرا في ما بينهم ، ثم أخبرهم بذلك . دل أنه بالله عرف ذلك .

وقوله تعالى : ]إنه كان غفورا رحيما[ في تأخير العذاب . يحتمل قوله : ]غفورا رحيما[ إذا تابوا عن ذلك ، وآمنوا به ، ورجعوا إلى الحق أو ]غفورا رحيما[ لا يعجل بالعقوبة ، أي برحمته لا يعجل بالعقوبة ، لعلهم يتوبون .

وقال القتبي : ]تبارك[ مشتق من البركة . وكذلك قال الكسائي ، وقد ذكرنا ذلك . وقال أبو عوسجة : تنزيه مثل قولك : تعالى على ما ذكرنا ، وقال : ]الفرقان[ هو الحق ، فرق بين الحق والباطل ، والقرآن ، هو من قرن بعضا إلى بعض ، والزبور ، هو اسم كتاب ، والزبر جميع ، وزبرت كتبت ، والزبر قطع الحديد كقوله : ]آتوني زبر الحديد[ ( الكهف : 96 ) الواحدة{[14320]} زبرة . والتوراة اسم كتاب لا أظنه بالعربية{[14321]} . وقال أبو معاذ : الأساطير الأحاديث ، واحدتها{[14322]} أسطورة كأرجوزة وأراجيز وأحدوثة وأحاديث وأعجوبة وأعاجيب . وفي حرف حفصة : و هي تمل عليه ، وهما لغتان{[14323]} . وفي سورة البقرة : ]أن يميل هو فليملل وليه بالعدل[ ( البقرة : 282 ) .


[14318]:في الأصل وم: حيث.
[14319]:في الأصل وم: أنهم.
[14320]:في الأصل وم: الواحد.
[14321]:دليل ظنه ما قال في تفسير قوله تعالى: {وأنزل التوراة والإنجيل} (آل عمران:3): وقيل سمي إنجيلا لما يجلي، وهو من الإظهار في اللغة وقيل: سمي التوراة توراة أوريت الزند: وهو كذلك، والله أعلم.
[14322]:في الأصل وم: واحدها.
[14323]:الأولى: أملى من مادة: م ل ي، والثانية: أمل من مادة: م ل ل، انظر اللسان، ثم انظر معجم القراءات القرآنية ج1/221 وج 4/274.