فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{قُلۡ أَنزَلَهُ ٱلَّذِي يَعۡلَمُ ٱلسِّرَّ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۚ إِنَّهُۥ كَانَ غَفُورٗا رَّحِيمٗا} (6)

فأجاب سبحانه عن هذه الشبهة بقوله { قُلْ أَنزَلَهُ الذى يَعْلَمُ السر فِي السموات والأرض } أي ليس ذلك مما يفترى ويفتعل بإعانة قوم ، وكتابة آخرين من الأحاديث الملفقة ، وأخبار الأوّلين ، بل هو أمر سماويّ أنزله الذي يعلم كلّ شيء لا يغيب عنه شيء من الأشياء ، فلهذا عجزتم عن معارضته ، ولم تأتوا بسورة منه ، وخصّ السرّ للإشارة إلى انطواء ما أنزله سبحانه على أسرار بديعة لا تبلغ إليها عقول البشر ، والسرّ : الغيب أي يعلم الغيب الكائن فيهما ، وجملة { إِنَّهُ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً } تعليل لتأخير العقوبة : أي إنكم وإن كنتم مستحقين لتعجيل العقوبة بما تفعلونه من الكذب على رسوله ، والظلم له ، فإنه لا يعجل عليكم بذلك ، لأنه كثير المغفرة والرحمة .

/خ6