الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{قُلۡ أَنزَلَهُ ٱلَّذِي يَعۡلَمُ ٱلسِّرَّ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۚ إِنَّهُۥ كَانَ غَفُورٗا رَّحِيمٗا} (6)

أي يعلم كل سرّ خفيّ في السموات والأرض ، ومن جملته ما تسرونه أنتم من الكيد لرسوله صلى الله عليه وسلم مع علمكم أنّ ما تقولونه باطل وزور ، وكذلك باطن أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وبراءته مما تبهتونه به ، وهو يجازيكم ويجازيه على ما علم منكم وعلم منه .

فإن قلت : كيف طابق قوله : { إِنَّهُ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً } هذا المعنى ؟ قلت : لما كان ما تقدّمه في معنى الوعيد عقبه بما يدل على القدرة عليه ، لأنه لا يوصف بالمغفرة والرحمة إلاّ القادر على العقوبة ، أو هو تنبيه على أنهم استوجبوا بمكابرتهم هذه أن يصب عليهم العذاب صبّاً ، ولكن صرف ذلك عنهم إنه غفور رحيم : يمهل ولا يعاجل .