في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَٱلسَّمَآءِ ذَاتِ ٱلۡحُبُكِ} (7)

والقسم الثاني كذلك . .

( والسماء ذات الحبك ، إنكم لفي قول مختلف ، يؤفك عنه من أفك ) . .

يقسم بالسماء المنسقة المحكمة التركيب . كتنسيق الزرد المتشابك المتداخل الحلقات . . وقد تكون هذه إحدى هيئات السحب في السماء حين تكون موشاة كالزرد مجعدة تجعد الماء والرمل إذا ضربته الريح . وقد يكون هذا وضعا دائما لتركيب الأفلاك ومداراتها المتشابكة المتناسقة .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَٱلسَّمَآءِ ذَاتِ ٱلۡحُبُكِ} (7)

ثم قال : { وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ } قال ابن عباس : ذات البهاء والجمال والحسن والاستواء . وكذا قال مجاهد ، وعكرمة ، وسعيد بن جُبَيْر ، وأبو مالك {[27403]} ، وأبو صالح ، والسدي ، وقتادة ، وعطية العوفي ، والربيع بن أنس ، وغيرهم .

وقال الضحاك ، والمِنْهَال بن عمرو ، وغيرهما : مثل تجعد الماء والرمل والزرع إذا ضربته الريح ، فينسج بعضه بعضا طرائق [ طرائق ] {[27404]} ، فذلك الحبك .

قال ابن جرير : حدثني يعقوب بن إبراهيم ، حدثنا ابن عُلَيَّة ، حدثنا أيوب ، عن أبي قلابة ، عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ أنه قال : " إن من ورائكم الكذاب المضل ، وإن رأسه من ورائه حُبُك حُبُك " يعني بالحبك : الجعودة {[27405]} .

وعن أبي صالح : { ذَاتِ الْحُبُكِ } : الشدة . وقال خصيف : { ذَاتِ الْحُبُكِ } : ذات الصفافة .

وقال الحسن بن أبي الحسن البصري : { ذَاتِ الْحُبُكِ } : حبكت بالنجوم .

وقال قتادة : عن سالم بن أبي الجَعْد ، عن مَعْدان بن أبي طلحة ، عن عمرو البكالي ، عن عبد الله بن عمرو : { وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ } : يعني : السماء السابعة .

وكأنه - والله أعلم - أراد بذلك السماء التي فيها الكواكب الثابتة ، وهي عند كثير من علماء الهيئة في الفلك الثامن الذي فوق السابع ، والله أعلم . وكل هذه الأقوال ترجع إلى شيء واحد ، وهو الحسن والبهاء ، كما قال ابن عباس رضي الله عنهما {[27406]} ، فإنها من حسنها مرتفعة شفافة صفيقة ، شديدة البناء ، متسعة الأرجاء ، أنيقة البهاء ، مكللة بالنجوم الثوابت والسيارات ، موشحة بالشمس والقمر والكواكب الزاهرات .


[27403]:- (6) في م: "وابن مالك".
[27404]:- (7) زيادة من م، أ.
[27405]:- (8) تفسير الطبري (26/118) ورواه أحمد في مسنده (5/410) من طريق إسماعيل بن علية به.
[27406]:- (1) في م، أ: "عنه".
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَٱلسَّمَآءِ ذَاتِ ٱلۡحُبُكِ} (7)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَالسّمَآءِ ذَاتِ الْحُبُكِ * إِنّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مّخْتَلِفٍ * يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ } .

يقول تعالى ذكره : والسماء ذات الخَلْق الحسن . وعنى بقوله : ذَاتِ الحُبُكِ : ذات الطرائق ، وتكسير كل شيء : حُبُكُه ، وهو جمع حِباك وحَبيكة يقال لتكسير الشعرة الجعدة : حُبك وللرملة إذا مرّت بها الريح الساكنة ، والماء القائم ، والدرع من الحديد لها : حُبُك ومنه قول الراجز :

كأنّمَا جَلّلَهَا الحَوّاكُ *** طِنْفِسَةً فِي وَشْيِها حِباكُ

*** أذْهَبها الخُفُوقُ والدّرَاكُ ***

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل ، وإن اختلفت ألفاظ قائليه فيه . ذكر من قال ذلك :

حدثني أبو حصين عبد الله بن أحمد بن يونس ، قال : حدثنا عَبَثْر ، قال : حدثنا حصين ، عن عكرِمة ، عن ابن عباس ، قوله : والسّماءِ ذَاتِ الحُبُكِ قال : ذات الخَلْق الحسن .

حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا عبد الرحمن ، قال : حدثنا سفيان ، عن عطاء بن السائب ، عن سعيد بن جُبير عن ابن عباس وَالسّماءِ ذَاتِ الحُبُكِ قال : حُسنها واستواؤها .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا حكام ، عن عمرو ، عن عطاء ، عن سعيد بن جُبَير والسّماءِ ذَاتِ الحُبُكِ قال : حبكها : حسنها واستواؤها .

قال : ثنا حكام ، قال : حدثنا عمرو ، عن عمر بن سعيد بن مسروق أخي سفيان ، عن خصيف ، عن سعيد بن جُبَير والسّماءِ ذَاتِ الحُبُكِ قال : ذات الزينة .

حدثنا محمد بن عبد الله بن بزيع ، قال : حدثنا بشر بن المفضل ، عن عوف ، عن الحسن ، قوله : والسّماءِ ذَاتِ الحُبُكِ قال : حبكت بالخلق الحسن ، حبكت بالنجوم .

حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا هوذة ، قال : حدثنا عوف ، عن الحسن ، في قوله : والسّماءِ ذَاتِ الحُبُكِ قال : حبكت بالخلق الحسن ، حبكت بالنجوم .

حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا عثمان بن الهيثم ، قال : حدثنا عوف ، عن الحسن ، في قوله : والسّماءِ ذَاتِ الحُبُكِ قال : ذات الخَلْق الحَسَن ، حُبِكَت بالنجوم .

حدثني يعقوب ، قال : حدثنا ابن علية ، قال : حدثنا عمران بن حُدَير ، قال : سُئل عكرِمة ، عن قوله : والسّماءِ ذَاتِ الحُبُكِ قال : ذات الخلْق الحسن ، ألم تر إلى النساج إذا نسج الثوب قال : ما أحسن ما حبكه .

حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : حدثنا ابن عُلَية ، قال : حدثنا أيوب ، عن أبي قِلابة ، عن رجل من أصحاب النبيّ صلى الله عليه وسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «إنّ مِنْ وَرَائِكُمْ الكَذّابّ المُضِلّ ، وَإنّ رأسَهُ مِنْ وَرَائهِ حُبُكٌ حُبُكٌ » يعني بالحبك : الجعودة .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا مهران ، عن سفيان ، عن عطاء بن السائب ، عن سعيد بن جُبَير ، عن ابن عباس والسّماءِ ذَاتِ الحُبُكِ قال : استواؤها : حسنها .

قال : ثنا مهران ، عن عليّ بن جعفر ، عن الربيع بن أنس والسّماءِ ذَاتِ الحُبُكِ قال : ذات الخلْق الحسن .

قال : ثنا مهران ، عن سعيد ، عن قتادة ، قال : حُبُكها نجومها . وكان ابن عباس يقول : الْحُبُكِ ذات الخَلْق الحَسن .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : والسّماءِ ذَاتِ الحُبُكِ : أي ذات الخَلْق الحسن . وكان الحسن يقول : حبكها : نجومها .

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا محمد بن ثور عن معمر عن قتادة ذَاتِ الْحُبُك قال : ذات الخَلْق الحَسَن .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : والسّماءِ ذَاتِ الحُبُكِ قال : المتقن البنيان .

حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : أخبرنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : والسّماءِ ذَاتِ الحُبُكِ يقول : ذات الزينة ، ويقال أيضا : حبكها مثل حبك الرمل ، ومثل حبك الدرع ، ومثل حبك الماء إذا ضربته الريح ، فنسجته طرائق .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : ذَاتِ الْحُبُكِ قال : الشدة حُبِكَت شُدّت . وقرأ قول الله تبارك وتعالى : وَبَنَيْنا فَوْقَكُمْ سَبْعا شِدَادا .

حدثني عليّ ، قال : حدثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله : والسّماءِ ذَاتِ الْحُبُكِ قال : ذات الخَلْق الحسن ويقال : ذات الزينة .

وقيل : عنى بذلك السماء السابعة . ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا عبد الرحمن بن مهدي وأبو داود ، قالا : حدثنا عمران القطان ، عن قتادة ، عن سالم بن أبي الجعد ، عن معدان بن أبي طلحة ، عن عمرو البكاليّ ، عن عبد الله بن عمرو والسّماءِ ذَاتِ الْحُبُكِ قال : السماء السابعة .

حدثني القاسم بن بشير بن معروف ، قال : حدثنا أبو داود ، قال : حدثنا عمران القطان ، عن قتادة ، عن سالم بن أبي الجعد ، عن معدان ، عن عمرو البكاليّ ، هكذا قال القاسم ، عن عبد الله بن عمرو نحوه .