ثم ابتدأ قسماً آخر وهو قوله : { والسماء ذَاتِ الحبك } العامة على الحُبُك - بضمتين - قال ابن عباس وقتادة وعكرمة : ذاتِ الخلق الحسن المستوي ، يقال للنساج إذا نَسَجَ الثَوْبَ فَأَجَاد : ما أحْسَنَ حَبْكهُ . وقال سعيد بن جبير : ذاتِ الزّينة أي المزينة بزينة الكواكب . قال الحسن : حُبِكَتْ بالنُّجوم . وقال مجاهد : هي المتقنة المبنيّات . وقال مقاتل والكلبي والضحاك : ذات الطرائق{[52678]} كحَبْك الماء إذا ضَرَبَتْهُ الرِّيح ، وحَبْكِ الرَّمل والشّعر الجَعْد وهو آثار تَثَنِّيه وَتَكسُّرِهِ{[52679]} ، قال زهير :
مُكَلَّلٌ بِأُصُولِ النَّجْمِ تَنْسِجُهُ *** ريحٌ خَريقٌ لضَاحي مَائهِ حُبُك{[52680]}
والحبك جمع يحتمل أن يكون مفرده حَبِيكَة ، كطَرِيقةٍ وطُرُق أَو حِباك نحو : حِمَار وحُمُر قال :
كَأَنَّمَا جَلَّلَها الحُوَّاكُ *** طِنْفسَةٌ فِي وَشْيِهَا حِبَاكُ{[52681]}
وأصل الحَبْك إحكام الشيء وإتقانه ، ومنه يقال للدروع : مَحْبُوكة . وقيل : الحَبْكُ الشدّ والتَّوَثُّق ، قال امرؤ القيس :
قَدْ غَدَا يَحْمِلُنِي فِي أَنْفِهِ *** لاَحِقُ الإطْلَيْنِ مَحبُوكٌ مُمَرّ{[52682]}
وفي هذه اللفظة قراءات كثيرة ، فعن الحسن - ( رضي الله عنه ) {[52683]} - ست قراءات ، الحبك - بالضم - كالعُنُق ، وبضم الحاء وسكون الباء وتروى عن ابن عباس ، وأبي عمرو{[52684]} ، وبكسر الحاء والباء{[52685]} ، وبكسر الحاء وسكون الباء{[52686]} ، وهو تخفيف المكسور ، وكسر الحاء وفتح الباء{[52687]} ، وكسر الحاء وضم الباء{[52688]} ، وهذه أقلها لأن هذه الزنة مهملة في أبنية العرب{[52689]} .
قال ابن عطية وغيره : هو من التداخل ، يعني أن فيها لغتين الكسر في الحاء والباء والضم فيهما فأخذ هذا القارئ الكسرَ من لغةٍ ، والضمّ من أُخْرَى{[52690]} . واستبعدها الناس ؛ لأن التداخل إنما يكون في كلمتين . وخرجها أبو حيان على أن الحاء أتبعت لحركة التاء في ذات ، قال : ولم يعتد باللام فاصلةً لأنها ساكنة فهي حاجز بَيِّنٌ حصين{[52691]} .
وقد وافق الحسن على هذه القراءة أبو مالك{[52692]} الغِفَارّي .
وقرأ عكرمة بالضم والفتح جمع حُبْكَة نحو : غُرْفَة وغُرَف{[52693]} ، وابن عباس وأبو مالك الحَبَك بفتحتين ، جمع حَبْكَة كعَقْبَة وعَقَب{[52694]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.