فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَٱلسَّمَآءِ ذَاتِ ٱلۡحُبُكِ} (7)

ثم ابتدأ قسما آخر فقال : { والسماء } المراد بها هنا هي المعروفة ، وقيل المراد بها السحاب والأول أولى .

{ ذات الحبك } قرأ الجمهور بضم الحاء والباء ، وقرئ بضمها وسكون الباء وقرئ بالكسر الحاء وفتح الباء وبكسر الحاء وضم الباء قال ابن عطية : هي لغات قال الجلال المحلي : جمع حبيكة كطريقة وطرق ، أي صاحبة الطرق في الخلقة ، كالطرق في الرمل ، واختلف المفسرون في تفسير الحبك فقال مجاهد وقتادة والربيع وغيرهم : المعنى ذات الخلق المستوى الحسن ، قال ابن الأعرابي : كل شيء أحكمته وأحسنت عمله فقد حبكته واحتكبته ، وقال السحن وسعيد ابن جبير : ذات الزينة ، وروي عن الحسن أيضا إنه قال : ذات النجوم وقيل : ذات البنيان المتقن ، وقال الضحاك : ذات الطرائق ، وبه قال الفراء : يقال لما تراه من الماء والرمل إذا أصابته الريح حبك ، قال الفراء الحبك تكسر كل شيء كالرمل إذا مرت به الريح الساكنة ، والماء إذا مرت به الريح ، ويقال لدرع الحديد حبك وقيل : الحبك الشدة أي والسماء ذات الشدة ، والمحبوك الشديد الخلق من فرس أو غيره .

قال الواحدي بعد حكاية القول الأول : هذا قول الأكثرين ، قال ابن عباس : والسماء ذات الحبك أي حسنها واستوائها ، وعنه قال : ذات البهاء والجمال ، وإن بنيانها كالبرد المسلسل ، وعنه قال : ذات الخلق الحسن : وعن ابن عمر مثله ، وعن علي قال : هي السماء السابعة ، واستعمال الحبك في الطرائق هو الذي عليه أهل اللغة ، وإن كان الأكثر من المفسرين على خلافه ، على أنه يمكن أن ترجع تلك الأقوال في تفسير الحبك إلى هذا ، وذلك بأن يقال إن ما في السماء من الطرائق يصح أن يكون سببا لمزيد حسنها ، واستواء خلقها ، وحصول الزينة فيها ، ومزيد القوة لها ، وفي البيضاوي ذات الحبك ذات الطرائق ، والمراد إما الطرائق المحسوسة التي هي مسير الكواكب أو المعقولة التي تسلكها البطار ونتوصل بها إلى المعارف أو النجوم فإنها لها طرائق ، أو منها تزينها كما يزين الموشي طرائق الوشي .