محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{وَٱلسَّمَآءِ ذَاتِ ٱلۡحُبُكِ} (7)

{ والسماء ذات الحبك } أي الطرق المختلفة التي هي دوائر سير الكواكب .

و { الحبك } أصل معناها ما يرى كالطريق في الرمل والماء ، إذا ضربته الريح . وكذلك حبك الشَّعر : آثار تثنّيه وتكسّره . و { الحبك } بضمتين جمع حِباك ، كمثال ومثل وكتاب وكتب . أو حبيكة كطريقة وطرق . قال زهير يصف غديرا : {[6777]}

مكلل بأصول النجم تَنْسِجُهُ *** ريح خريق لضاحي مَائِه حُبُكُ

/ ويقال : ما أملح حباك هذه الحمامة ! وهو الخط الأسود على جناحها .

وعن الحسن :{[6778]} { ذات الحبك } أي النجوم : قال : حُبِكَتْ بالخَلْقِ الحسن ، حبكت بالنجوم . وذلك لأنها تزين السماء ، كما يزين الثوب الموشّى تحبيكه ، فشبهت النجوم بطرائق الوشى مجازا بالاستعارة .

وقال بعض علماء الفلك : الحبك جمع حبيكة ، بمعنى محبوكة ، أي : مربوطة . فمعنى { ذات الحبك } ذات المجاميع من الكواكب المربوط بعضها ببعض بحبال من الجاذبية ، فإن كل حبيكة مجموعة من الكواكب المتجاذبة . فالآية الشريفة نص على تعدد المجاميع وعلى الجاذبية التي يزعم الإفرنج أنهم مكتشفوها . وعليه ، فهي إحدى معجزات القرآن العلمية . انتهى .


[6777]:من قصيدته التي مطلعها: بان الخليط ولم يأووا لمن تركوا *** وزودوك اشتياقا، أية سلكوا. قال الأصمعي: النجم: النبت الذي يقال له الثيل. وقال غيره: الماء مكلل بالنجم. وهو كل شيء من النبات ليس له ساق ينبت حول الماء كالإكليل. ويقال: نجم البقل: إذا طلع. ومنه: نجم قرن الظبية إذا طلع. ريخ خارق، يقال: هبت الشمال خريقا، إذا هبت هبوبا شديدا. لضاحي مائه: ما ضحا للشمس من الماء، برز للشمس. وحُبُك: طريق الماء. الواحد حبيك. يقول: إذا مرت به الريح نسجت الريح ذلك الماء. ونسجُها إياه: مَرُّهَا عليه. )انظر شرح الديوان، صفحة 176، طبعة الدار(.
[6778]:انظر تفسير ابن جرير الطبريّ، الصفحة رقم 189 من الجزء السادس والعشرين (طبعة الحلبي الثانية).