الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{وَٱلسَّمَآءِ ذَاتِ ٱلۡحُبُكِ} (7)

قوله : { ذَاتِ الْحُبُكِ } : العامَّةُ على " الحُبُك " بضمتين وهي الطرائقُ نحو : طرائق الرَّمْل والماءِ إذا صَفَقَتْه الريحُ ، وحُبُك الشَّعْر : آثارُ تَثَنِّيه وتَكَسُّرِه . قال زهير :

مُكَلَِلٌ بأصولِ النجم تَنْسُجُه *** ريحُ حَريقٍ لضاحي مائِه حُبُكُ

والحُبُكُ : جمعٌ يُحتمل أَنْ يكونَ مفردُه " حَبيكة " كطريقةٍ وطُرُق أو حباكِ نحو : حِمار وحُمُر . قال الراجز :

كأنَّما جَلَّلها الحُوَّاكُ *** طِنْفِسَةٌ في وَشْيِها حِباكُ

وأصلُ الحَبْكِ : إحكامُ الشيءِ وإتقانُه ، ومنه يقال للدِّرع : مَحْبوكة . وقيل : الحَبْكُ الشَّدُّ والتوثُّقُ . قال امرؤ القيس :

قد غدا يَحْمِلُنِي في أَنْفِه *** لاحِقُ الإِطْلَيْنِ مَحْبوكٌ مُمَرّْ

وفي هذه اللفطةِ قراءاتٌ كثيرةٌ : فعن الحسن ستٌ : الحُبُك بالضم كالعامَّةِ ، الحُبْك بالضمِّ والسكون ، وتُروى عن ابن عباس وأبي عمروٍ ، الحِبِك بكسرهما ، الحِبْك بالكسر والسكون ، وهو تخفيف المكسور ، الحِبَك بالكسر والفتح ، الحِبُك بالكسر والضم . فهذه سِتٌّ أقلقُها الأخيرةُ ؛ لأنَّ هذه الزِّنةَ مهملةٌ في أبنية العربِ ، قال ابنُ عطية وغيرُه : " هو من التداخُلِ " يعني : أن فيها لغتين : الكسرَ في الحاء والباء والضمَّ فيهما ، فأخذ هذا القارىءُ الكسرَ من لغةٍ والضمَّ مِنْ أخرى . واستبعدها الناسُ ؛ لأن التداخُلَ إنما يكون في كلمتين . وخَرَّجها الشيخ على أن الحاءَ أُتْبِعَتْ لحركة التاءِ في " ذات " قال : " ولم يَعْتَدَّ باللام فاصلةً لأنها ساكنةٌ فهي حاجزٌ غيرُ حصينٍ " . وقد وافق الحسنَ على هذه القراءةِ أو مالك الغفاريُّ . وقرأ عكرمةُ بالضمِّ والفتح جمعَ " حُبْكَة " نحو : غُرْفة وغُرَف . وابن عباس وأبو مالك " الحَبَك " بفتحتين جمعُ " حَبَ‍كة " كعَقَبة وعَقَب ، فهذه ثمانِ قراءات .