في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{سَيُهۡزَمُ ٱلۡجَمۡعُ وَيُوَلُّونَ ٱلدُّبُرَ} (45)

وذلك حين يرون جمعهم فتعجبهم قوتهم ، ويغترون بتجمعهم ، فيقولون : إنا منتصرون لا هازم لنا ولا غالب ?

هنا يعلنها عليهم مدوية قاضية حاسمة :

( سيهزم الجمع ويولون الدبر ) . .

فلا يعصمهم تجمعهم ، ولا تنصرهم قوتهم . والذي يعلنها عليهم هو القهار الجبار . . ولقد كان ذلك . كما لا بد أن يكون !

قال البخاري بإسناده إلى ابن عباس - : إن النبي [ صلى الله عليه وسلم ] قال وهو في قبة له يوم بدر : " أنشدك عهدك ووعدك اللهم إن شئت لم تعبد بعد اليوم في الأرض أبدا " . فأخذ أبو بكر رضي الله عنه بيده ، وقال : حسبك يا رسول الله ألححت على ربك ! فخرج وهو يثب في الدرع ، وهو يقول : ( سيهزم الجمع ويولون الدبر . . . ) .

وفي رواية لابن أبي حاتم بإسناده إلى عكرمة ، قال : لما نزلت( سيهزم الجمع ويولون الدبر )قال عمر : أي جمع يهزم ? أي أي جمع يغلب ? قال عمر : فلما كان يوم بدر رأيت رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] يثب في الدرع ، وهو يقول : ( سيهزم الجمع ويولون الدبر ) . فعرفت تأويلها يومئذ !

 
صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف [إخفاء]  
{سَيُهۡزَمُ ٱلۡجَمۡعُ وَيُوَلُّونَ ٱلدُّبُرَ} (45)

{ سيهزم الجمع ويولون الدبر } وقد كان ذلك يوم بدر . وهو من أعلام النبوة ، فإن الآية مكية ، وقد نزلت قبل فرض الجهاد .

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{سَيُهۡزَمُ ٱلۡجَمۡعُ وَيُوَلُّونَ ٱلدُّبُرَ} (45)

ويولّون الدبُر : يعطونكم ظهورهم عندما ينهزمون .

وقد ردّ الله عليهم مقالَهم بأنهم سيُهزمون ويولّون الدبُر . وقد صدق الله وعدَه فهزمهم جميعاً ونصرَ رسولَه الكريم صلى الله عليه وسلّم .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{سَيُهۡزَمُ ٱلۡجَمۡعُ وَيُوَلُّونَ ٱلدُّبُرَ} (45)

قال تعالى مبينا لضعفهم ، وأنهم مهزومون : { سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ } فوقع كما أخبر ، هزم الله جمعهم الأكبر يوم بدر ، وقتل من{[938]}  صناديدهم وكبرائهم ما ذلوا به{[939]}  ونصر الله دينه ونبيه وحزبه المؤمنين .


[938]:- في ب: وقتلت.
[939]:- في ب: فأذلوا.
 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{سَيُهۡزَمُ ٱلۡجَمۡعُ وَيُوَلُّونَ ٱلدُّبُرَ} (45)

ولما كان لسان الحال ناطقاً بأنهم يقولون : هذا كله فأي الفريقين خير مقاماً وأحسن ندياً ونحوها ، وقال بعضهم : لئن بعثنا لأوتينا وولداً ، ولا شك أنهم كانوا في غاية الاستحالة لغلبة المؤمنين لهم على قلتهم وضعفهم ، استأنف الجواب بقوله : { سيهزم } بأيسر أمر من أي هازم كان بوعد لا خلف فيه ، وقراءة الجمهور{[61764]} بالبناء للمفعول مفهمة للعظمة بطريقة كلام القادرين ، فهي أبلغ من قراءة يعقوب بالنون والبناء للفاعل الدالة على العظمة صريحاً { الجمع } الذي تقدم أنه بولغ في جمعه فصدق الله وعده وهزموا في يوم بدر وغيره في الدنيا عن قريب ، ولم يزالوا يضعفون حتى اضمحل أمرهم وزال بالكلية سرهم ، وهي من دلائل النبوة البينة { ويولون الدبر * } أي يقع توليتهم كلهم بهذا الجنس بأن يكون والياً لها من منهم مع الهزيمة لأنه لم يتولهم في حال الهزيمة نوع مسكنة يطمعون بها في الخيار ، وكل من إفراد الدبر والمنتصر وجمع المولين أبلغ مما لو وضع غيره موضعه وأقطع للتعنت .


[61764]:- راجع نثر المرجان 7/ 132.
 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{سَيُهۡزَمُ ٱلۡجَمۡعُ وَيُوَلُّونَ ٱلدُّبُرَ} (45)

قوله : { سيهزم الجمع ويولّون الدبر } والمراد بالجمع كفار مكة . فقد أخبر الله بانهزام جمعهم وانكسار شوكتهم وتفريق شملهم وتوليهم هاربين في بدر . وقد كان ذلك . وهذه واحدة من معجزات الرسول صلى الله عليه وسلم . فقد روي عن سعد بن أبي وقاص : لما نزل قوله تعالى : { سيهزم الجمع ويولون الدبر } كنت لا أدري أي الجمع ينهزم ، فلما كان بدر رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يثب في الدرع ويقول : " اللهم إن قريشا جاءتك تحادك وتحاد رسولك بفخرها وخيلائها فأخنهم{[4413]} الغداة " ثم قال : { سيهزم الجمع ويولون الدبر } فعرفت تأويلها . وقال ابن عباس كان بين نزول هذه الآية وبين بدر سبع سنين ، فهذه الآية مكية .

وهذه حقيقة يستيقنها كل متدبر مدكر من المسلمين . وهي حقيقة ما ينبغي أن تغيب عن أذهان الداعين إلى دين الله على بصيرة . وهي أن الكفر مهما طغى واشتد وبغى فإنه لا محالة صائر إلى التبدد ، والاندثار . وكذلك المشركون الظالمون من أعداء الله والحق ، أعداء الإسلام والمسلمين فإنهم مهما اشتدت صولتهم واستطالت شوكتهم واستطار شأنهم وعزهم ، وهاج فيهم الغرور والاستكبار وحب السيطرة والاستعلاء فإنهم مهزومون مدبرون أنذال إذا اصطدم غرورهم وعجرفتهم بوحدة المسلمين واستمساكم بعقيدة الإسلام الراسخة المتينة . لا جرم أن المسلمين وهم يمضون متوادين متعاونين متآزرين وقد غمرت قلوبهم نفحة العقيدة والتقوى ، ولم يرتضوا عن منهج الإسلام بديلا ولم تفرقهم الأهواء والخلافات والخصومات ، فإنهم منصورون بعون الله وتوفيقه ، وأن جحافل الكافرين على اختلاف أجناسهم ومللهم ، وعلى تعاظم جموعهم وأعدادهم وعساكرهم ، لا محالة صائرون إلى الخزي والهزيمة والتبدد . وليس على المسلمين في ضوء هذه الحقيقة إلا أن يتنادوا متماسكين فيتلاقوا حول عقيدتهم الصلبة ومنهج الله العظيم القويم ، فإنهم والحالة هذه منصورون ظاهرون أعزة ، وأن الكافرين الظالمين المعتدين مهزومون مولون الدبر ، يجرجرون الخسران والعار .


[4413]:أخنى عليهم،أهلكهم.أخنى عليه الدهر،أي أتى عليه وأهلكه. انظر مختار الصحاح ص192 والقاموس المحيط ج4 ص327