" إنا أنشأناهن إنشاء " أي خلقناهن خلقا وأبدعناهن إبداعا . والعرب تسمي المرأة فراشا ولباسا وإزارا ، وقد قال تعالى : " هن لباس لكم{[14647]} " . ثم قيل : على هذا هن الحور العين ، أي خلقناهن من غير ولادة . وقيل : المراد نساء بني آدم ، أي خلقناهن خلقا جديدا وهو الإعادة ، أي أعدناهن إلى حال الشباب وكمال الجمال . والمعنى أنشأنا العجوز والصبية إنشاء واحدا ، وأضمرن ولم يتقدم ذكرهن ؛ لأنهن قد دخلن في أصحاب اليمين ، ولأن الفرش كناية عن النساء كما تقدم . وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى : " إنا أنشأناهن إنشاء " قال : ( منهن البكر والثيب ) . وقالت أم سلمة رضي الله تعالى عنها : سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن قوله تعالى : " إنا أنشأناهن إنشاء فجعلناهن أبكارا عربا أترابا " فقال ( يا أم سلمة هن اللواتي قبضن في الدنيا عجائز شُمْطا عُمْشا رُمْصا جعلهن الله بعد الكبر أترابا على ميلاد واحد في الاستواء " أسنده النحاس عن أنس قال : حدثنا أحمد بن عمرو قال : حدثنا عمرو بن على قال : حدثنا أبو عاصم عن موسى بن عبيد عن يزيد الرقاشي عن أنس بن مالك رفعه " إنا أنشأناهن إنشاء " قال ( هن العجائز العُمْش الرُّمْص كن في الدنيا عمشا رمصا ) . وقال المسيب بن شريك : قال النبي صلى الله عليه وسلم في قوله " إنا أنشأناهن إنشاء " الآية قال : ( هن عجائز الدنيا أنشأهن الله خلقا جديدا كلما أتاهن أزواجهن وجدوهن أبكارا ) فلما سمعت عائشة ذلك قالت : واوجعاه ! فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم : ( ليس هناك وجع ) .
{ إنا أنشأناهن } الضمير لنساء الجنة ، فإن سياق الكلام يقتضي ذلك ، وإن لم يتقدم ذكرهن ولكن تقدم ذكر الفرش وهي تدل على النساء وأما من قال : إن الفرش هي النساء فالضمير عائد عليها ، وقيل : يعود على الحور العين المذكورة قبل هذا وذلك بعيد فإن ذلك في وصف جنات السابقين ، وهذا وصف جنات أصحاب اليمين ومعنى إنشاء : النساء أن الله تعالى يخلقهن في الجنة خلقا آخر في غاية الحسن بخلاف الدنيا فالعجوز ترجع شابة والقبيحة ترجع حسنة .
ولما كانت النساء يسمين فرشاً ، قال تعالى معيداً للضمير على غير ما يتبادر إليه الذهن من الظاهر على طريق الاستخدام مؤكداً لأجل إنكار من ينكر البعث : { إنا } أي بما لنا من {[62111]}القدرة و{[62112]}العظمة التي لا يتعاظمها شيء { أنشأناهن } أي الفرش التي معناها النساء من أهل الدنيا بعد الموت ولو عن الهرم و{[62113]}العجز بالبعث{[62114]} ، وزاد في التأكيد فقال : { إنشاء * } أي من غير ولادة ، بل جمعناهن{[62115]} من التراب كما فعلنا في سائر المكلفين ليكونوا كأبيهم آدم عليه الصلاة والسلام في خلقه من تراب ، فتكون الإعادة كالبداءة ، ولذلك يكون الكل عند دخول الجنة على شكله عليه الصلاة والسلام ، ويجوز أن {[62116]}يكون المراد{[62117]} بهن الحور العين فيكون إنشاءا مبتدعاً لم يسبق له وجود .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.