السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{إِنَّآ أَنشَأۡنَٰهُنَّ إِنشَآءٗ} (35)

دليل هذا التأويل قوله تعالى : { إنا } أي : بمالنا من العظمة التي لا يتعاظمها شيء { أنشاناهن } أي : الفرش التي معناها النساء من أهل الدنيا بعد الموت بالبعث وزاد في التأكيد فقال تعالى : { إنشاء } أي : خلقاً جديداً من غير ولادة بل جمعناهن من التراب كسائر بني آدم ، ليكونوا كأبيهم آدم عليه السلام في خلقه من تراب ، لتكون الإعادة كالبداءة ولذلك يكون الكل عند دخول الجنة على شكله عليه السلام ، وروى النحاس بإسناده أن أم سلمة سألت النبيّ صلى الله عليه وسلم عن قوله تعالى : { إنا أنشأناهن إنشاء } فقال : «هن اللواتي قبضن في الدنيا عجائز شمطاً عمشاً رمصاً جعلهن الله تعالى بعد الكبر أتراباً على ميلاد واحد في الاستواء » . وروى أنس بن مالك رضي الله عنه يرفعه في قوله تعالى { إنا أنشأناهن إنشاء } قال : هن العجائز العمش الرمص كنّ في الدنيا عمشاً رمصاً . وعن المسيب بن شريك عن النبيّ صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى : { إنا أنشأناهن إنشاء } قال : «هن عجائز الدنيا أنشأهن الله تعالى خلقاً جديداً كلما أتاهن أزواجهن وجدوهن أبكاراً » فلما سمعت عائشة رضي الله عنها ذلك قالت واوجعاه فقال النبي صلى الله عليه وسلم «ليس هناك وجع » . وعن الحسن رضي الله عنه قال : أتت عجوز النبيّ صلى الله عليه وسلم فقالت : يا رسول الله ادع الله تعالى أن يدخلني الجنة فقال : «يا أم فلان إن الجنة لا يدخلها عجوز ، قال : فولت تبكي ، فقال : أخبروها أنها لا تدخلها وهي عجوز إن الله تعالى يقول { إنا أنشأناهن إنشاء } »