في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{فَرَّتۡ مِن قَسۡوَرَةِۭ} (51)

وأمام هذا الموقف المهين الميئوس منه في الآخرة ، يردهم إلى موقفهم في الفرصة المتاحة لهم في الأرض قبل مواجهة ذلك الموقف ؛ وهم يصدون عنها ويعرضون ، بل يفرون من الهدى والخير ووسائل النجاة المعروضة عليهم فيها ، ويرسم لهم صورة مضحكة تثير السخرية والعجب من أمرهم الغريب :

( فما لهم عن التذكرة معرضين ? كأنهم حمر مستنفرة ، فرت من قسورة ? ) . .

ومشهد حمر الوحش وهي مستنفره تفر في كل اتجاه ، حين تسمع زئير الأسد وتخشاه . . مشهد يعرفه العرب . وهو مشهد عنيف الحركة . مضحك أشد الضحك حين يشبه به الآدميون ! حين يخافون ! فكيف إذا كانوا إنما ينفرون هذا النفار الذي يتحولون به من آدميين إلى حمر ، لا لأنهم خائفون مهددون بل لأن مذكرا يذكرهم بربهم وبمصيرهم ، ويمهد لهم الفرصة ليتقوا ذلك الموقف الزري المهين ، وذلك المصير العصيب الأليم ? !

إنها الريشة المبدعة ترسم هذا المشهد وتسجله في صلب الكون ، تتملاه النفوس ، فتخجل وتستنكف أن تكون فيه ، ويروح النافرون المعرضون أنفسهم يتوارون من الخجل ، ويطامنون من الإعراض والنفار ، مخافة هذا التصوير الحي العنيف !

 
صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف [إخفاء]  
{فَرَّتۡ مِن قَسۡوَرَةِۭ} (51)

{ فرت من قسورة } هربت من أسد ؛ من القسر بمعنى القهر ؛ لأنه يقهر السباع . أو من جماعة الرماة الذين يصطادونها .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{فَرَّتۡ مِن قَسۡوَرَةِۭ} (51)

{ فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ } أي : من صائد ورام يريدها ، أو من أسد ونحوه ، وهذا من أعظم ما يكون من النفور عن الحق ، ومع هذا الإعراض وهذا النفور ، يدعون الدعاوى الكبار .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{فَرَّتۡ مِن قَسۡوَرَةِۭ} (51)

{ فرت من قسورة } قال مجاهد وقتادة والضحاك : القسورة : جماعة الرماة ، لا واحد لها من لفظها ، وهي رواية عطاء عن ابن عباس . وقال سعيد بن جبير : هم القناص وهي رواية عطية عن ابن عباس . وقال زيد بن أسلم هم رجال أقوياء ، وكل ضخم شديد عند العرب : قسور وقسورة . وعن أبي المتوكل قال : هي لغط القوم وأصواتهم . وروى عكرمة عن ابن عباس قال : هي حبال الصيادين . وقال أبو هريرة : هي الأسد ، وهو قول عطاء والكلبي ، وذلك أن الحمر الوحشية إذا عاينت الأسد هربت ، كذلك هؤلاء المشركين إذا سمعوا النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ القرآن هربوا منه . قال عكرمة : هي ظلمة الليل ، ويقال لسواد أول الليل قسورة .

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{فَرَّتۡ مِن قَسۡوَرَةِۭ} (51)

قوله تعالى{[15596]} : " فرت " أي نفرت وهربت " من قسورة " أي من رماة يرمونها .

وقال بعض أهل اللغة : إن القسورة الرامي ، وجمعه القسورة . وكذا قال سعيد بن جبير وعكرمة ومجاهد وقتادة والضحاك وابن كيسان : القسورة : هم الرماة والصيادون ، ورواه عطاء عن ابن عباس وأبو [ ظبيان ]{[15597]} عن أبي موسى الأشعري . وقيل : إنه الأسد ، قاله أبو هريرة وابن عباس أيضا . ابن عرفة : من العسر بمعنى القهر أي ، إنه يقهر السباع ، والحمر الوحشية تهرب من السباع . وروى أبو جمرة عن ابن عباس قال : ما أعلم القسورة الأسد في لغة أحد من العرب ، ولكنها عصب الرجال ، قال : فالقسورة جمع الرجال ، وأنشد :

يا بنتُ كوني خَيْرَةً لِخيِّرَهْ *** أخوالُها الجن وأهلُ القَسورَهْ

وعنه : ركز الناس أي حسهم وأصواتهم . وعنه أيضا : " فرت من قسورة " أي من حبال الصيادين . وعنه أيضا : القسورة بلسان العرب : الأسد ، وبلسان الحبشة : الرماة ، وبلسان فارس : شير ، وبلسان النبط : أريا . وقال ابن الأعرابي : القسورة : أول الليل ، أي فرت من ظلمة الليل . وقاله عكرمة أيضا . وقيل : هو أول سواد الليل ، ولا يقال لآخر سواد الليل قسورة . وقال زيد بن أسلم : من رجال أقوياء ، وكل شديد عند العرب فهو قسورة وقسور . وقال لبيد بن ربيعة :

إذا ما هَتَفْنَا هَتْفَةً في نَدِيِّنَا *** أتانا الرجال العائدون القَسَاوِرُ


[15596]:جملة "قوله تعالى"، وكلمة "هربت" ساقطتان من أ، ح.
[15597]:في الأصول: "أبو حيان" وهو تحريف. والتصحيح من تفسير الثعلبي "والتهذيب".
 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{فَرَّتۡ مِن قَسۡوَرَةِۭ} (51)

ولما كان ذلك لا يكون إلا لسبب عظيم يتشوف إليه ، استأنف قوله : { فرت من قسورة * } أي أسد شديد القسر عظيم القهر فنشبت في حبائل سقر أو صيادين .