في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ} (22)

11

ولقطة وهو يقطب حاجبيه عابسا ، ويقبض ملامح وجهه باسرا ، ليستجمع فكره في هيئة مضحكة !

 
صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف [إخفاء]  
{ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ} (22)

{ ثم عبس } قطب ما بين عينيه لما لم يجد في القرآن مطعنا ، وضاقت عليه مذاهب الحيل فيما يقوله فيه . يقال : عبس يعبس عبسا وعبوسا ، إذا قطب جبينه وكلح وجهه . وأصله من العبس ، وهو ما تعلق بأذناب الإبل من أبوالها وأبعارها وقد جف عليها . وباعتبارها اليبس والتقبض أطلق على ما ذكر عبوس . { وبسر } إتباع لما قبله أو تأكيد له ؛ أي كلح وجهه . يقال : بسر يبسر بسرا وبسورا ، إذا قبض ما بين عينيه كراهية للشيء ، وسود وجهه منه ومنه وجه باسر : أي منقبض أسود . أو أظهر العبوس قبل أوانه ؛ من البسر بمعنى الاستعجال بالشيء . يقال : بسر الرجل الحاجة ، طلبها في غير أوانها . وبسر الفحل الناقة : ضربها قبل أن تطلب .

   
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ} (22)

" ثم عبس " أي قطب بين عينيه في وجوه المؤمنين ، وذلك أنه لما حمل قريشا على ما حملهم عليه من القول في محمد صلى الله عليه وسلم بأنه ساحر ، مر على جماعة من المسلمين ، فدعوه إلى الإسلام ، فعبس في وجوههم . . قيل : عبس وبسر على النبي صلى الله عليه وسلم حين دعاه . والعبس مخففا{[15575]} مصدر عبس يعبس عبسا وعبوسا : إذا قطب . والعبس ما يتعلق بأذناب الإبل من أبعارها وأبوالها ، قال أبو النجم :

كأن في أذنابهن الشول *** من عبس الصيف قرون الأيل

قوله تعالى : " وبسر " أي كلح وجهه وتغير لونه ، قاله قتادة والسدي ، ومنه قول بشر بن أبي خازم :

صبحنا تميما غداة الجفار{[15576]} *** بشهباء ملمومة باسره

وقال آخر{[15577]} :

وقد رابني منها صدود رأيته *** وإعراضها عن حاجتي وبسورها

وقيل : إن ظهور العبوس في الوجه بعد المحاورة ، وظهور البسور في الوجه قبل المحاورة . وقال قوم : " بسر " وقف لا يتقدم ولا يتأخر . قالوا : وكذلك يقول أهل اليمن إذا وقف المركب ، فلم يجيء ولم يذهب : قد بسر المركب ، وأبسر أي وقف وقد أبسرنا . والعرب تقول : وجه باسر بين البسور : إذا تغير واسود .


[15575]:كلمة: "مخففا" ساقطة من الأصل المطبوع.
[15576]:الجفار: موضع. وقيل هو ماء لبني تميم.
[15577]:هو توبة ابن الحمير. وزاد بعض النسخ بعد هذا البيت ما يأتي كحاشية: قوله "بشهباء": أراد بكتيبة شهباء، ومنه قول عنترة: وكتيبة لبستها بكتيبة * شهباء باسلة يخاف رداها ويقال: كتيبة ململمة وملمومة أيضا أي مجتمعة مضموم بعضها إلى بعض. وصخرة ملمومة ململمة أي مستديرة صلبة، قاله الجوهري.
 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ} (22)

ولما كان من فعل كذلك{[69791]} فظهر له فساد رأيه ووقف مع حظ نفسه يصير يعبس{[69792]} ويفعل أشياء تتغير لها خلقته من غير اختياره قال : { ثم عبس } أي قطب وجهه وكلح فتربد وجهه مع تقبض جلده{[69793]} ما بين العينين بكراهة شديدة كالمهتم المتفكر{[69794]} في شيء وهو لا يجد فيه فرجاً لأنه ضاقت عليه الحيل لكونه لم يجد فيما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم مطعناً { وبسر * } اتباع لعبس تأكيداً لها ، وربما أفهمت أنه سبر{[69795]} ما قاله ووزنه بميزان الفكر وتتبعه تتبعاً مفرطاً{[69796]} حتى رسخت فيه قدمه ، كذا قالوا إنها اتباع إن أريد به التأكيد وإلا فقد وردت مفردة ، قال في القاموس : بسر - إذا عبس ، وبسر الحاجة : طلبها في غير أوانها ، وبسر الدين : تقاضاه قبل محله ، فكأنه لما طال عليه التفكير صار يستعجل حصوله إلى مراده ، ويقال : بسر - إذا ابتدأ الشيء ، فكأنه لما عبس خطر له السحر فابتدأ في إبداء ما سنح له من أمره ، قال ابن برجان : البسور هيئة في الوجه تدل على تحزن في القلب .


[69791]:من ظ و م، وفي الأصل: بذلك.
[69792]:من م، وفي الأصل و ظ: يعيش.
[69793]:في م: الجلد.
[69794]:في ظ و م: التفكر.
[69795]:من م، وفي ظ: بصر.
[69796]:من م، وفي ظ: فيه-كذا.