فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ} (22)

{ ثُمَّ عَبَسَ } أي قطب وجهه لما لم يجد مطعناً يطعن به في القرآن ، والعبس مصدر عبس مخففاً ، يعبس عبساً وعبوساً إذا قطب . وقيل : عبس في وجوه المؤمنين . وقيل : عبس في وجه النبيّ صلى الله عليه وسلم { وَبَسَرَ } أي كلح وجهه وتغير ، ومنه قول الشاعر :

صبحنا تميماً غداة الحفار *** بشهباء ملموسة باسره

وقول الآخر :

وقد رابني منها صدود رأيته *** وإعراضها عن حاجتي وبسورها

وقيل : إن ظهور العبوس في الوجه يكون بعد المحاورة ، وظهور البسور في الوجه قبلها ، والعرب تقول : وجه باسر إذا تغير واسودّ . وقال الراغب : البسر استعجال الشرّ قبل أوانه نحو بسر الرجل حاجته : أي طلبها في غير أوانها . قال : ومنه قوله : { عَبَسَ وَبَسَرَ } أي أظهر العبوس قبل أوانه وقبل وقته ، وأهل اليمن يقولون : بسر المركب وأبسر : أي وقف لا يتقدّم ولا يتأخر ، وقد أبسرنا : أي صرنا إلى البسور .

/خ30