في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{فَإِذَا نُقِرَ فِي ٱلنَّاقُورِ} (8)

فإذا انتهى هذا التوجيه الإلهي للنبي الكريم ، اتجه السياق إلى بيان ما ينذر به الآخرين ، في لمسة توقظ الحس لليوم العسير ، الذي ينذر بمقدمه النذير :

( فإذا نقر في الناقور . فذلك يومئذ يوم عسير . على الكافرين غير يسير ) . .

والنقر في الناقور ، هو ما يعبر عنه في مواضع أخرى بالنفخ في الصور . ولكن التعبير هنا أشد إيحاء بشدة الصوت ورنينه ؛ كأنه نقر يصوت ويدوي . والصوت الذي ينقر الآذان أشد وقعا من الصوت الذي تسمعه الآذان . .

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{فَإِذَا نُقِرَ فِي ٱلنَّاقُورِ} (8)

الناقور : الصور الذي ينفخ فيه يوم القيامة .

وبعد أن وجّه اللهُ الرسولَ الكريم إلى التحلّي بمكارم الأخلاق ، والبعدِ عن الجفاء والسَّفَه وكلِّ ما لا يليق بأصحابِ المقامات العالية ، أتى بوعيدِ الأشقياء

وما سيلقونه من عذابٍ فقال :

{ فَإِذَا نُقِرَ فِي الناقور فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ عَلَى الكافرين غَيْرُ يَسِيرٍ } .

فإذا جاء وعدُ ربك ونُفخ في الصُّور .

 
روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي [إخفاء]  
{فَإِذَا نُقِرَ فِي ٱلنَّاقُورِ} (8)

{ فَإِذَا نُقِرَ } أي نفخ { في الناقور } في الصور وهو فاعول من النقر بمعنى التصويت وأصله القرع الذي هو سببه ومنه منقار الطائر لأنه يقرع به ولهذه السببية تجوز به عنه وشاع ذلك وأريد به النفخ لأنه نوع منه والفاء للسببية كأنه قيل اصبر على أذاهم فبين أيديهم يوم هائل يلقون فيه عاقبة أذاهم وتلقى عاقبة صبرك عليه والعامل في إذا ما دل عليه قوله تعالى :

{ فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ عَلَى الكافرين } فالمعنى إذا نقر في الناقور عسر الأمر على الكافرين والفاء في هذا للجزاء وذلك إشارة إلى وقت النقر المفهوم من فإذا نقر وما فيه من معنى البعد مع قرب العهد لفظاً بالمشار إليه للإيذان ببعد منزلته في الهول والفظاعة ومحله الرفع على الابتداء ويومئذ قيل بدل منه مبني على الفتح لإضافته إلى غير متمكن والخبر يوم عسير فكأنه قيل فيوم النقر يوم عسير وجوز أن يكون يومئذ ظرفاً مستقراً ليوم عسير أي صفة له فلما تقدم عليه صار حالا منه والذي أجاز ذلك على ما في الكشاف أن المعنى فذلك وقت النقر وقوع يوم عسير لأن يوم القيامة يأتي ويقع حين ينقر في الناقور فهو على منوال زمن الربيع العيد فيه أي وقوع العيد فيه وما له فذلك الوقوع وقوع يوم الخ ومما ذكر يعلم إندفاع ما يتوهم من تقديم معمول المصدر أو معمول ما في صلته على المصدران جعل ظرف الوقوع المقدر أو ظرف عسير والتصريح بلفظ وقوع إبراز للمعنى وتقصي عن جعل الزمان مظروف الزمان برجوعه إلى الحدث فتدبر وظاهر صنيع الكشاف اختيار هذا الوجه وكذا كلام صاحب الكشف إذ قرره على أتم وجه وادعى فيما سبق تعسفاً نعم جوز عليه الرحمة أن يكون يومئذ معمول ما دل عليه الجزاء أيضاً كأنه قيل فإذا نقر في الناقور عسر الأمر على الكافرين يومئذ وأياً ما كان فعلى الكافرين متعلق بعسير وقيل بمحذوف هو صفة لعسير أو حال من المستكن فيه وأجاز أبو البقاء تعلقه بيسير في قوله تعالى :

{ غَيْرُ يَسِيرٍ } وهو الذي يقتضيه كلام قتادة وتعقبه أبو حيان بأنه ينبغي أن لا يجوز لأن فيه تقديم معمول المضاف إليه على المضاف وهو ممنوع على الصحيح وقد أجازه بعضهم في غير حملا لها على لا فيقول أنا بزيد غير راض وزعم الحوفي إن إذا متعلقة ب { أنذر } والفاء زائدة وأراد أنها مفعول به لا نذر كأنه قيل قم فانذرهم وقت النقر في الناقور وقوله تعالى فذلك الخ جملة مستأنفة في موضع التعليل وهو كما ترى وجوز أبو البقاء تخريج الآية على قول الأخفش بأن تكون إذا مبتدأ والخبر فذلك والفاء زائدة وجعل يومئذ ظرفاً لذلك ولا أظنك في مرية من أنه كلام أخفش وقال بعض الأجلة إن ذلك مبتدأ وهو إشارة إلى المصدر أي فذلك النقر وهو العامل في يومئذ ويوم عسير خبر المبتدأ والمضاف مقدر أي فذلك النقر في ذلك اليوم نقر يوم وفيه تكلف وعدول عن الظاهر مع أن عسر اليوم غير مقصود بالإفادة عليه وظاهر السياق قصده بالإفادة وجعل العلامة الطيبي هذه الآية من قبيل ما اتحد فيه الشرط والجزاء نحو من كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله إذ جعل الإشارة إلى وقت النقر وقال ان في ذلك مع ضم التكرير دلالة على التنبيه على الخطب الجليل والأمر العظيم وفيه نظر وفائدة قوله سبحانه غير يسير أي سهل بعد قوله تعالى عسير تأكيد عسره على الكافرين فهو يمنع أن يكون عسيراً عليهم من وجه دون وجه ويشعر بتيسره على المؤمنين كأنه قيل عسير على الكافرين غير يسير عليهم كما هو يسير على أضدادهم المؤمنين ففيه جمع بين وعيد الكافرين وزيادة غيظهم وبشارة المؤمنين وتسليتهم ولا يتوقف هذا على تعلق على الكافرين بيسير نعم الأمر عليه أظهر كما لا يخفي ثم مع هذا لا يخلو قلب المؤمن من الخوف أخرج ابن سعيد والحاكم عن بهز بن حكيم قال أمنا زرارة بن أوفي فقرأ المدثر فلما بلغ فإذا نقر في الناقور خر ميتاً فكنت فيمن حمله وأخرج ابن أبي شيبة والطبراني وابن مردويه عن ابن عباس قال لما نزلت فإذا نقر في الناقور قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «كيف أنعم وصاحب الصور قد التقم القرن وحنى جبهته يستمع متى يؤمر قالوا كيف نقول يا رسول الله قال قولوا حسبنا الله ونعم الوكيل وعلى الله توكلنا » واختلف في أن المراد بذلك الوقت يوم النفخة الأولى أو يوم النفخة الثانية ورجح أنه يوم الثانية لأنه الذي يختص عسره بالكافرين وأما وقت النفخة الأولى فحكمه الذي هو الاصعاف يعم البر والفاجر وهو على المشهور مختص بمن كان حيا عند وقوع النفخة .

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{فَإِذَا نُقِرَ فِي ٱلنَّاقُورِ} (8)

قوله : { فإذا نقر في النّاقور } يعني فإذا نفخ في الصور .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{فَإِذَا نُقِرَ فِي ٱلنَّاقُورِ} (8)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

يعني نفخ في الصور، والناقور: القرن الذين ينفخ فيه إسرافيل.

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

يعني جلّ ثناؤه بقوله: فَإذَا نُفِخَ فِي الصّورِ، فذلك يومئذ يوم شديد.

عن ابن عباس، في قوله" فإذَا نُقِرَ فِي النّاقُورِ فَذلكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كَيْفَ أنْعَمُ وَصَاحبُ القَرْنِ قَدِ الْتَقَمَ القَرْنَ وَحَنى جَبْهَتَهُ يَسْتَمعُ مَتى يُؤْمَرُ يَنْفُخُ فِيهِ»، فقال أصحابُ رسول الله صلى الله عليه وسلم: كيف نقول؟ فقال: «تقولون: حَسْبُنا اللّهُ وَنِعْمَ الوَكِيلُ، عَلى اللّهِ تَوَكّلْنا.

عن مجاهد، قوله "فإذَا نُقِرَ فِي النّاقُورِ" قال: في الصور، قال: هي شيء كهيئة البوق.

لطائف الإشارات للقشيري 465 هـ :

يعني: إذا قامت القيامةُ، فذلك يومٌ عسيرٌ على الكافرين غيرُ هيِّنٍ.

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

اصبر على أذاهم، فبين أيديهم يوم عسير يلقون فيه عاقبة أذاهم، وتلقى فيه عاقبة صبرك عليه.

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

ولما كان المقام للإنذار، وكان من رد الأوامر تكذيباً كفر، ومن تهاون بها ما أطاع ولا شكر، حذر من الفتور عنها بذكر ما للمكذب بها، فقال مسبباً عن ذلك باعثاً على اكتساب الخيرات من غير كسل ولا توقف، مذكراً بأن الملك التقم القرن وأصغى بجبهته انتظاراً للأمر بالنفخ، مشيراً بالبناء للمفعول إلى هوانه لديه وخفته عليه مؤذناً بأداة التحقق أنه لا بد من وقوعه: {فإذا نقر} أي نفخ وصوّت بشدة وصلابة ونفوذ وإنكاء {في الناقور} أي الصور وهو القرن الذي إسرافيل عليه السلام ملتقمه الآن وهو مصغ لانتظار الأمر بالنفخ فيه للقيامة، ويجوز أن يراد الأيام التي يقضي فيها بالذل على الكافرين كيوم بدر والفتح وغيرهما كما جعلت الساعة والقيامة كناية عن الموت، فقال صلى الله عليه وسلم:

"من مات فقد قامت قيامته " عبر عنه بالنقر إشارة إلى أنه في شدته كالنقر في الصلب فيكون عنه صوت هائل، وأصل النقر القرع الذي هو سبب الصوت فهو أشد من صدعك لهم بالإنذار للحذار من دار البوار، فهنالك ترد الأرواح إلى أجسادها، فيبعث الناس فيقومون من قبورهم كنفس واحدة، وترى عاقبة الصبر، ويرى أعداؤك عاقبة الكبر، والتعبير فيه بصيغة المبالغة وجعله فاعلاً كالجاسوس إشارة إلى زيادة العظمة حتى كأنه هو الفاعل على هيئة هي في غاية الشدة والقوة، وحذر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه رضي الله عنهم من النفخ في الصور وقربه فقالوا: " كيف نقول يا رسول الله؟ قال: قولوا حسبنا الله ونعم الوكيل".

ويجوز أن يكون التسبب عن الأمر بالصبر، أي اصبر فلنأخذن بثأرك في ذلك اليوم بما يقر عينك، فيكون تسلية له صلى الله عليه وسلم وتهديداً لهم.

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

فإذا انتهى هذا التوجيه الإلهي للنبي الكريم، اتجه السياق إلى بيان ما ينذر به الآخرين، في لمسة توقظ الحس لليوم العسير، الذي ينذر بمقدمه النذير: (فإذا نقر في الناقور. فذلك يومئذ يوم عسير. على الكافرين غير يسير).. والنقر في الناقور، هو ما يعبر عنه في مواضع أخرى بالنفخ في الصور. ولكن التعبير هنا أشد إيحاء بشدة الصوت ورنينه؛ كأنه نقر يصوت ويدوي. والصوت الذي ينقر الآذان أشد وقعا من الصوت الذي تسمعه الآذان..