في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{ٱتَّخَذُوٓاْ أَيۡمَٰنَهُمۡ جُنَّةٗ فَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ فَلَهُمۡ عَذَابٞ مُّهِينٞ} (16)

ثم يعود السياق إلى المنافقين الذين يتولون اليهود ، فيصور بعض أحوالهم ومواقفهم ، ويتوعدهم بافتضاح أمرهم ، وسوء مصيرهم ، وانتصار الدعوة الإسلامية وأصحابها على الرغم من كل تدبيراتهم :

ألم تر إلى الذين تولوا قوما غضب الله عليهم ? ما هم منكم ولا منهم ، ويحلفون على الكذب وهم يعلمون . أعد الله لهم عذابا شديدا ، إنهم ساء ما كانوا يعملون . اتخذوا أيمانهم جنة فصدوا عن سبيل الله ، فلهم عذاب مهين . لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئا . أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون . يوم يبعثهم الله جميعا فيحلفون له كما يحلفون لكم ويحسبون أنهم على شيء . ألا إنهم هم الكاذبون . إستحوذ عليهم الشيطان فأنساهم ذكر الله ، أولئك حزب الشيطان ، ألا إن حزب الشيطان هم الخاسرون . .

وهذه الحملة القوية على المنافقين الذين يتولون قوما غضب الله عليهم - وهم اليهود - تدل على أنهم كانوا يمعنون في الكيد للمسلمين ، ويتآمرون مع ألد أعدائهم عليهم ؛ كما تدل على أن سلطة الإسلام كانت قد عظمت ، بحيث يخافها المنافقون ، فيضطرون - عندما يواجههم رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] والمؤمنون بما يكشفه الله من تدبيراتهم ومؤامراتهم - إلى الحلف بالكذب لإنكار ما ينسب إليهم من مؤامرات وأقوال ؛ وهم يعلمون أنهم كاذبون في هذه الأيمان .

إنما هم يتقون بأيمانهم ما يتوقعونه من مؤاخذتهم بما ينكشف من دسائسهم : اتخذوا أيمانهم جنة أي وقاية . وبذلك يستمرون في دسائسهم للصد عن سبيل الله !

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{ٱتَّخَذُوٓاْ أَيۡمَٰنَهُمۡ جُنَّةٗ فَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ فَلَهُمۡ عَذَابٞ مُّهِينٞ} (16)

{ جُنة } بضم الجيم ، وقاية وسترا .

لقد أظهروا الإيمان وأبطنوا الكفر ، وتستّروا بالأيمان الكاذبة فجعلوها وقايةً لأنفسهم من القتل . وبها انخدع كثيرٌ من المؤمنين ممن لا يعرِف حقيقةَ أمرِهم ، وبهذه الوسيلة صدوا كثيراً من الناس عن سبيلِ الله ، فلهم عذابٌ شديد الإهانة يوم القيامة .

 
أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للجزائري - أبوبكر الجزائري [إخفاء]  
{ٱتَّخَذُوٓاْ أَيۡمَٰنَهُمۡ جُنَّةٗ فَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ فَلَهُمۡ عَذَابٞ مُّهِينٞ} (16)

شرح الكلمات :

{ اتخذوا أيمانهم جنة } : أي ستراً على أنفسهم وأموالهم فادعوا الإِيمان كذباً وحلفوا أنهم مؤمنون وما هم بمؤمنين .

{ فصدوا عن سبيل الله } : أي فصدوا بتلك الأيمان المؤمنين عن سبيل الله التي هي جهادهم وقتالهم .

المعنى :

وقوله تعالى : { اتخذوا أيمانهم جنة فصدوا عن سبيل الله فلهم عذاب مهين } أي اتخذ هؤلاء المنافقون أيمانهم التي يحلفونها لكم بأنهم مؤمنون وما هم بمؤمنين اتخذوها ستارة ووقاية يقون بها أنفسهم من القتل وأموالهم من الأخذ ، فصدوا بتلك الأيمان الكاذبة المؤمنين عن سبيل الله التي هي قتالهم ، لأنهم كفار مشركون يجب قتالهم حتى يدخلوا في دين الله أو يهلكوا لأنهم ليسوا أهل كتاب فتقبل منهم الجزية .

وقوله تعالى { فلهم عذاب مهين } أي يوم القيامة يهانون ويذلون به .

الهداية

من الهداية :

- حرمة الحلف على الكذب وهي اليمين الغموس .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{ٱتَّخَذُوٓاْ أَيۡمَٰنَهُمۡ جُنَّةٗ فَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ فَلَهُمۡ عَذَابٞ مُّهِينٞ} (16)

قوله تعالى : { أعد الله لهم عذابا شديدا إنهم ساء ما كانوا يعملون ، اتخذوا أيمانهم } الكاذبة ، { جنةً } يستجنون بها من القتل ويدفعون بها عن أنفسهم وأموالهم ، { فصدوا عن سبيل الله } صدوا المؤمنين عن جهادهم بالقتل وأخذ أموالهم . { فلهم عذاب مهين } .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{ٱتَّخَذُوٓاْ أَيۡمَٰنَهُمۡ جُنَّةٗ فَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ فَلَهُمۡ عَذَابٞ مُّهِينٞ} (16)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

{اتخذوا أيمانهم} يعني حلفهم {جنة} من القتل {فصدوا} الناس {عن سبيل الله} يعني دين الله الإسلام {فلهم عذاب مهين}...

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

قوله: {اتّخَذُوا أيمانَهُمْ جُنّةً} يقول جلّ ثناؤه: جعلوا حلفهم وأيمانهم جنة يستجنون بها من القتل ويدفعون بها عن أنفسهم وأموالهم وذراريهم، وذلك أنهم إذا اطلع منهم على النفاق، حلفوا للمؤمنين بالله إنهم لمنهم.

"فَصَدّوا عَن سَبِيلِ اللّهِ" يقول جلّ ثناؤه: فصدّوا بأيمانهم التي اتخذوها جنة المؤمنين عن سبيل الله فيهم، وذلك أنهم كفرة، وحكم الله وسبيله في أهل الكفر به من أهل الكتاب القتل، أو أخذ الجزية، وفي عبدة الأوثان القتل، فالمنافقون يصدّون المؤمنين عن سبيل الله فيهم بأيمانهم إنهم مؤمنون، وإنهم منهم، فيحولون بذلك بينهم وبين قتلهم، ويمتنعون به مما يمتنع منه أهل الإيمان بالله.

وقوله: {فَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ} يقول: فلهم عذاب مُذِلّ لهم في النار.

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

{فصدوا عن سبيل الله} يحتمل صدوا أنفسهم عن سبيل الله، أو صدوا الناس عن سبيله بما ذكر...

التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :

(اتخذوا أيمانهم) التي يحلفون بها (جُنة) أي سترة وترسا يدفعون بها عن نفوسهم التهمة والظنة إذا ظهرت منهم الريبة. والاتخاذ: جعل الشي ء عدة...فهؤلاء جعلوا الإيمان عدة ليدفعوا بها عن نفوسهم الظنة.

تفسير القرآن للسمعاني 489 هـ :

{اتخذوا أيمانهم جنة} معناه: اتقوا بأيمانهم كما يتقي المحارب بجنته، وهي ترسه.

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

فإنهم كانوا يثبطون من لقوا عن الدخول في الإسلام ويوهنون أمره ويحقرونه، ومن رآهم قد خلصوا من المكاره بأيمانهم الحانثة وردت عليهم الأرزاق استدراجاً وحصلت لهم الرفعة عند الناس بما يرضونهم من أقوالهم المؤكدة بالأيمان، غره ذلك فاتبع سنتهم في أقوالهم وأفعالهم، ونسج على منوالهم، غروراً بظاهر أمرهم، معرضاً عما توعدهم الله سبحانه عليه من جزاء خداعهم ومكرهم، وأجرى الأمر على أسلوب التهكم باللام التي تكون في المحبوب فقال: {فلهم} أي فتسبب عن صدهم أنهم كان لهم {عذاب مهين} جزاء بما طلبوا بذلك الصد إعزاز أنفسهم وإهانة أهل الإسلام.

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

وقد وصف العذاب أول مرة بشديد وهو الذي يجازون به على تولّيهم قوماً غَضِب الله عليهم وحلفهم على الكذب. ووصف عذابهم ثانياً ب {مهين} لأنه جزاء على صَدّهم النّاس عن سبيل الله. وهذا معنى شديد العذاب لأجل عظيم الجرم...

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{ٱتَّخَذُوٓاْ أَيۡمَٰنَهُمۡ جُنَّةٗ فَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ فَلَهُمۡ عَذَابٞ مُّهِينٞ} (16)

{ اتخذوا أيمانهم } الكاذبة { جنة } يستجنون بها من القتل .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{ٱتَّخَذُوٓاْ أَيۡمَٰنَهُمۡ جُنَّةٗ فَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ فَلَهُمۡ عَذَابٞ مُّهِينٞ} (16)

ولما دلت هذه الجملة على سوء أعمالهم{[63435]} ومداومتهم عليها ، أكد ذلك بقوله : { اتخذوا } أي كلفوا فطرهم الأولى المستقيمة لما لهم من العراقة في اعوجاج الطبع والمحبة للأذى{[63436]} ، { أيمانهم } الكاذبة التي لا تهون على من في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان ، { جنة } أي وقاية وسترة من كل ما يفضحهم من النفاق كائناً ما كان ، أو يوجب قتلهم بما يقع منهم من الكفران .

ولما كان علمهم بأنه يرضى منهم بالظاهر ويصدق أيمانهم {[63437]}هو الذي{[63438]} جرأهم على العظائم ، فكانوا يرغبون الناس في النفاق بعاجل الشهوات ويثبطونهم{[63439]} عن الدين بما فيه من عاجل الكلف{[63440]} وآجل الثواب ، سبب عن{[63441]} قبول إيمانهم قوله مظهراً بزيادة التوبيخ لهم{[63442]} ، { فصدوا } أي كان قبول ذلك منهم وتأخير عقابهم سبباً لإيقاعهم الصد { عن سبيل الله } أي شرع الملك{[63443]}الأعلى الذي هو الطريق إلى رضوانه الذي هو سبب الفوز الأعظم ، فإنهم كانوا يثبطون من لقوا عن الدخول في الإسلام ويوهنون أمره ويحقرونه ، ومن رآهم قد خلصوا من{[63444]} المكاره بأيمانهم الحانثة و{[63445]}ردت عليهم الأرزاق استدراجاً وحصلت لهم الرفعة عند الناس بما يرضونهم من أقوالهم المؤكدة بالأيمان ، غره ذلك فاتبع سنتهم في أقوالهم وأفعالهم ، ونسج على منوالهم ، غروراً بظاهر أمرهم ، معرضاً عما توعدهم الله سبحانه عليه من جزاء خداعهم ومكرهم ، وأجرى الأمر على أسلوب التهكم باللام التي تكون في المحبوب فقال : { فلهم } أي فتسبب عن صدهم أنهم كان لهم{ عذاب مهين * }جزاء بما طلبوا بذلك{[63446]} الصد{[63447]} إعزاز أنفسهم{[63448]} وإهانة أهل{[63449]} الإسلام .


[63435]:- من ظ وم، وفي الأصل: حالهم.
[63436]:- من ظ وم، وفي الأصل: في الأذى.
[63437]:- من ظ وم، وفي الأصل: الذي هو.
[63438]:- من ظ وم، وفي الأصل: الذي هو.
[63439]:- من ظ وم، وفي الأصل: يثبطون.
[63440]:- في ظ: الكلفة.
[63441]:- من م، وفي الأصل وظ: عنه.
[63442]:- زيد من ظ وم.
[63443]:- من م، وفي الأصل وظ: ملك.
[63444]:- من ظ وم، وفي الأصل: عن.
[63445]:- زيد من م.
[63446]:- من ظ وم، وفي الأصل: ذلك.
[63447]:- من ظ وم، وفي الأصل: اعزازا لأنفسهم.
[63448]:- من ظ وم، وفي الأصل: اعزازا لأنفسهم.
[63449]:من ظ و م، وفي الأصل: لأهل.