في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ وَشَآقُّواْ ٱلرَّسُولَ مِنۢ بَعۡدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ ٱلۡهُدَىٰ لَن يَضُرُّواْ ٱللَّهَ شَيۡـٔٗا وَسَيُحۡبِطُ أَعۡمَٰلَهُمۡ} (32)

32

( إن الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله ، وشاقوا الرسول - من بعد ما تبين لهم الهدى - لن يضروا الله شيئا ، وسيحبط أعمالهم ) . .

إنه قرار من الله مؤكد ، ووعد منه واقع : أن الذين كفروا ، ووقفوا في وجه الحق أن يبلغ إلى الناس ؛ وصدوا الناس عنه بالقوة أو المال أو الخداع أو أية وسيلة من الوسائل ، وشاقوا الرسول [ صلى الله عليه وسلم ] في حياته بإعلان الحرب عليه ، والمخالفة عن طريقه ، والوقوف في غير صفه . أو بعد وفاته بمحاربة دينه وشريعته ومنهجه والمتبعين لسنته والقائمين على دعوته . وذلك ( من بعد ما تبين لهم الهدى ) . . وعرفوا أنه الحق ؛ ولكنهم اتبعوا الهوى ، وجمح بهم العناد وأعماهم الغرض ، وقادتهم المصلحة العاجلة . .

قرار من الله مؤكد ، ووعد من الله واقع أن هؤلاء ( لن يضروا الله شيئا ) . . وهم أضأل وأضعف من أن يذكروا في مجال إلحاق ضرر بالله سبحانه وتعالى . فليس هذا هو المقصود إنما المقصود أنهم لن يضروا دين الله ولا منهجه ولا القائمين على دعوته . ولن يحدثوا حدثا في نواميسه وسننه . مهما بلغ من قوتهم ، ومهما قدروا على إيذاء بعض المسلمين فترة من الوقت . فإن هذا بلاء وقتي يقع بإذن الله لحكمة يريدها ؛ وليست ضرا حقيقيا لناموس الله وسنته ونظامه ونهجه وعباده القائمين على نظامه ونهجه . والعاقبة مقررة : ( وسيحبط أعمالهم ) . . فتنتهي إلى الخيبة والدمار . كما تنتهي الماشية التي ترعى ذلك النبات السام !

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ وَشَآقُّواْ ٱلرَّسُولَ مِنۢ بَعۡدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ ٱلۡهُدَىٰ لَن يَضُرُّواْ ٱللَّهَ شَيۡـٔٗا وَسَيُحۡبِطُ أَعۡمَٰلَهُمۡ} (32)

شاقّوا الرسول : عادوه وخالفوه .

بعد أن بيّن الله تعالى حال المنافقين ذكَر هنا حال أساتذتهم اليهود الذين كفروا بالله وصدّوا الناس عن الإسلام بخبثهم ومكرهم ، وعادَوا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم . وقد تبين لهم صدقُه وأنه رسولُ من عند الله ، وعندهم وصفُه في التوراة . . فهؤلاء لن يضروا الله شيئا ، وإنما يضرّون أنفسَهم ، وسيحبط الله مكايدَهم التي نصبوها للإسلام والمسلمين .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ وَشَآقُّواْ ٱلرَّسُولَ مِنۢ بَعۡدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ ٱلۡهُدَىٰ لَن يَضُرُّواْ ٱللَّهَ شَيۡـٔٗا وَسَيُحۡبِطُ أَعۡمَٰلَهُمۡ} (32)

{ 32 } { إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَشَاقُّوا الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا وَسَيُحْبِطُ أَعْمَالَهُمْ }

هذا وعيد شديد لمن جمع أنواع الشر كلها ، من الكفر بالله ، وصد الخلق عن سبيل الله الذي نصبه موصلا إليه .

{ وَشَاقُّوا الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى } أي : عاندوه وخالفوه عن عمد وعناد ، لا عن جهل وغي وضلال ، فإنهم { لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا } فلا ينقص به ملكه .

{ وَسَيُحْبِطُ أَعْمَالَهُمْ } أي : مساعيهم التي بذلوها في نصر الباطل ، بأن لا تثمر لهم إلا الخيبة والخسران ، وأعمالهم التي يرجون بها الثواب ، لا تقبل لعدم وجود شرطها .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ وَشَآقُّواْ ٱلرَّسُولَ مِنۢ بَعۡدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ ٱلۡهُدَىٰ لَن يَضُرُّواْ ٱللَّهَ شَيۡـٔٗا وَسَيُحۡبِطُ أَعۡمَٰلَهُمۡ} (32)

قوله تعالى : { إن الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله } أي : رسول الله صلى الله عليه وسلم { وشاقوا الرسول من بعد ما تبين لهم الهدى لن يضروا الله شيئاً } إنما يضرون أنفسهم ، { وسيحبط أعمالهم } فلا يرون لها ثواباً في الآخرة ، قال ابن عباس رضي الله عنهما : هم المطعمون يوم بدر ، نظيرها قوله عز وجل : { إن الذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله { ( الأنفال-36 ) الآية .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ وَشَآقُّواْ ٱلرَّسُولَ مِنۢ بَعۡدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ ٱلۡهُدَىٰ لَن يَضُرُّواْ ٱللَّهَ شَيۡـٔٗا وَسَيُحۡبِطُ أَعۡمَٰلَهُمۡ} (32)

ولما جرت{[59894]} العادة بأن الإنسان لا يعذب ولا{[59895]} يهدد إلا من ضره كما تقدم من الإخبار بنكالهم وقبيح أعمالهم مهيئاً{[59896]} للسؤال عن ذلك فاستأنف قوله مؤكداً لظنهم أنهم هم{[59897]} الغالبون لحزب الله : { إن الذين كفروا } أي غطوا من دلت عليه عقولهم من ظاهر آيات الله لا سيما بعد إرسال الرسول المؤيد بواضح المعجزات صلى الله عليه وسلم { وصدوا } أي امتنعوا ومنعوا غيرهم زيادة في كفرهم { عن سبيل الله } أي الطريق الواضح الذي نهجه الملك الأعظم .

ولما كان أكثر السياق للمساترين بكفرهم{[59898]} ، أدغم في قوله : { وشاقوا الرسول } أي الكامل في الرسلية المعروفة غاية المعرفة .

ولما كان سبحانه قد عفا عن إهمال الدليل العقلي على الوحدانية قبل الإرسال ، قال مثبتاً الجار إعلاماً بأنه لا يغفر لمضيعه بعد الإرسال ولو في أدنى وقت : { من بعد ما تبين } أي غاية التبين بالمعجز{[59899]} { لهم الهدى } {[59900]}بحيث صار ظاهراً بنفسه غير محتاج بما أظهره الرسول من الخوارق إلى مبين ، ومنه ما أخبرت به الكتب القديمة الإليهة .

ولما كان المناصب للرسول إنما ناصب من أرسله ، دل على ذلك بقوله معرياً له من الفاء دلالة على عدم التسبيب{[59901]} بمعنى أن عدم هذا الضر موجود عملوا أو لم يعملوا وجدوا أو لم يوجدوا{[59902]} { لن يضروا الله } أي ملك الملوك ، ولم يقل : الرسول { شيئاً } أي كثيراً ولا قليلاً من ضرر بما تجمعوا عليه من الكفر والصد .

ولما كان التقدير : إنما ضروا أنفسهم ناجزاً بأنهم أتعبوها مما لم {[59903]}يغن عنهم{[59904]} شيئاً . عطف عليه : { وسيحبط } أي يفسد{[59905]} فيبطل بوعد لا خلق فيه { أعمالهم * } من المحاسن لبنائها من المنافق على غير أساس ثابت ، فهو إنما يرائي بها ، ومن المجاهر على غير-{[59906]} أساس أصلاً ، فلا ينفعهم شيء منها ، ومن المكايد التي يريدون بها توهين الإسلام ونجعل تدميرهم بها في تدبيرهم وإن تناهوا في إحكامها ، فلا تثمر لهم إلا عكس مرادهم سواء{[59907]} .


[59894]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: جرى.
[59895]:سقط من م ومد.
[59896]:من م ومدن وفي الأصل و ظ: مهشا.
[59897]:سقط من م ومد.
[59898]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: في كفرهم.
[59899]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: بالعجز.
[59900]:زيد في الأصل: أي، ولم تكن الزيادة في ظ و م ومد فحذفناها.
[59901]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: التسبب.
[59902]:من م ومدن وفي الأصل و ظ: لم يجدوا.
[59903]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: تعرفهم.
[59904]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: تعرفهم.
[59905]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: يحبط.
[59906]:زيد من ظ و م ومد.
[59907]:من ظ و م ومد، وفي الأصل: وسوى.
 
تفسير الجلالين للمحلي والسيوطي - تفسير الجلالين [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ وَشَآقُّواْ ٱلرَّسُولَ مِنۢ بَعۡدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ ٱلۡهُدَىٰ لَن يَضُرُّواْ ٱللَّهَ شَيۡـٔٗا وَسَيُحۡبِطُ أَعۡمَٰلَهُمۡ} (32)

{ إن الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله وشاقوا الرسول من بعد ما تبين لهم الهدى لن يضروا الله شيئا وسيحبط أعمالهم }

{ إن الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله } طريق الحق { وشاقوا الرسول } خالفوه { من بعد ما تبيَّن لهم الهدى } هو معنى سبيل الله { لن يضروا الله شيئاً وسيحبط أعمالهم } يبطلها من صدقه ونحوها فلا يرون لها في الآخرة ثواباً ، نزلت في المطعمين من أصحاب بدر أو في قريظة والنضير .