في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{فَمَالِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ قِبَلَكَ مُهۡطِعِينَ} (36)

ثم يعرض السياق مشهدا من مشاهد الدعوة في مكة ، والمشركون يسرعون الخطى إلى المكان الذي يكون فيه الرسول [ صلى الله عليه وسلم ] يتلو القرآن . ثم يتفرقون حواليه جماعات . ويستنكر إسراعهم هذا وتجمعهم في غير ما رغبة في الاهتداء بما يسمعون :

فما للذين كفروا قبلك مهطعين ? عن اليمين وعن الشمال عزين ? . .

المهطع هو الذي يسرع الخطى مادا عنقه كالمقود . وعزين جمع عزة كفئة وزنا ومعنى . . وفي التعبير تهكم خفي بحركتهم المريبة . وتصوير لهذه الحركة وللهيئة التي تتم بها . وتعجب منهم . وتساؤل عن هذا الحال منهم ! وهم لا يسرعون الخطى تجاه الرسول ليسمعوا ويهتدوا ، ولكن فقط ليستطلعوا في دهشة ثم يتفرقوا كي يتحلقوا حلقات يتناجون في الكيد والرد على ما يسمعون !

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{فَمَالِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ قِبَلَكَ مُهۡطِعِينَ} (36)

قبلك : بكسر القاف وفتح الباء ، نحوك جهتك ، في الجهة التي تليك .

مهطعين : مسرعين ، والفعل أهطع : يأتي بمعنى نظر في ذلٍّ وخشوع ، وبمعنى أسرع .

ما بالُ هؤلاء الّذين كذّبوا برسالتك مسرِعينَ إليك .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{فَمَالِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ قِبَلَكَ مُهۡطِعِينَ} (36)

{ 36 - 39 } { فَمَالِ الَّذِينَ كَفَرُوا قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ * عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ عِزِينَ * أَيَطْمَعُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ * كَلَّا إِنَّا خَلَقْنَاهُمْ مِمَّا يَعْلَمُونَ }

يقول تعالى ، مبينا اغترار الكافرين : { فَمَالِ الَّذِينَ كَفَرُوا قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ } أي : مسرعين .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{فَمَالِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ قِبَلَكَ مُهۡطِعِينَ} (36)

ولما تحرر بهذا الكلام الإلهي الذي يشك عاقل في أن مخلوقاً لا يقدر عليه ، وأنه لا يقدر عليه إلا الله الواحد الذي لا شريك له ، العالم بكل شيء ، القادر على كل شيء ، أنه لا يتفصى عن نقائص الإنسان حتى يتخلص من ظلمات النقصان إلى نور الإحسان إلا من لازم هذه الأوصاف وزكى نفسه بها{[68451]} ليصير كاملاً{[68452]} مع العلم القطعي عند المسلم والكافر أن الكمال سبب السعادة ، وأن الإنسان مطبوع على ما{[68453]} صدر به سبحانه من النقائص ، علم أن المتصفين بهذه الأوصاف هم المختصون بالسعادة الأخروية ، وكان الكفار يأتون النبي صلى الله عليه وسلم ويجلسون حوله بالقرب منه ليسمعوا كلامه ويكذبوه ويهزؤوا به ، وكان العاقل لا ينبغي له أن يأتي شيئاً{[68454]} لا سيما إن كان إتيانه إليه على هيئة الإسراع إلا لتحصيل السعادة ، سبب عن ذلك قوله معبراً عن عظمة القرآن بما حاصله أنهم حين يسمعونه يصيرون لشدة ما يفزعهم أمره{[68455]} لا يتمالكون فيفعلون أفعال من لا وعي له : { فمال الذين كفروا } أي أي شيء من السعادة للذين ستروا مرائي عقولهم عن الإقرارا بمضمون هذا الكلام الذي هو أوضح من الشمس ، حال كونهم { قبلك } أي نحوك أيها الرسول الكريم وفيما أقبل عليك { مهطعين * } أي مسرعين مع مد{[68456]} الأعناق وإدامة النظر إليك في غاية العجب من مقالك هيبة من يسعى إلى أمر لا حياة له بدونه .


[68451]:- زيد من ظ وم.
[68452]:- زيد من ظ وم.
[68453]:- زيد من ظ وم.
[68454]:- من ظ وم، وفي الأصل: اشيا.
[68455]:- من م، وفي الأصل وظ، أمرهم.
[68456]:- زيد من ظ وم.
 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{فَمَالِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ قِبَلَكَ مُهۡطِعِينَ} (36)

قوله تعالى : { فمال الذين كفروا قبلك مهطعين 36 عن اليمين وعن الشمال عزين 37 أيطمع كل امرئ منهم أن يدخل جنة نعيم 38 كلا إنا خلقناهم مما يعلمون 39 فلا أقسم برب المشرق والمغرب إنا لقادرون 40 على أن نبدل خيرا منهم وما نحن بمسبوقين 41 فذرهم يخوضوا ويلعبوا حتى يلاقوا يومهم الذي يوعدون 42 يوم يخرجون من الأجداث سراعا كأنهم إلى نصب يوفضون 43 خاشعة أبصارهم ترهقهم ذلة ذلك اليوم الذي كانوا يوعدون } .

هذه جملة آيات تتضمن طائفة من المعاني والحقائق المثيرة المذهلة عن أحداث الساعة وبعث الناس من قبورهم لينطلقوا مذعورين شاخصين صوب المحشر وقد غشيهم من الخوف والفزع ما غشيهم . وقد بدأ ذلك بالتعجيب من حال المشركين الذين يحادون الله ورسوله والذين سوّل لهم الشيطان أن يصدوا عن دين الحق حتى تفجأهم الساعة فيخرجوا من قبورهم أحياء ليجدوا حظهم من سوء الحساب وفظاعة المصير . وفي ذلك يقول سبحانه : { فمال الذين كفروا قبلك مهطعين } مهطعين مسرعين خائفين . هطع ههطعا وهطعا أي أسرع مقبلا وخائفا أو أقبل ببصره على الشيء لا يقلع عنه وهو خاضع ذليل{[4635]} وفي ذلك إنكار من الله على المشركين الذين كانوا يرون النبي صلى الله عليه وسلم ويعلمون أن ما جاءهم به حق ، إذ أيده الله بالآيات والدلائل الظاهرة ، فضلا عما سمعوه من آيات الكتاب الحكيم في روعة نظمها المعجز وهم مع ذلك كله نافرون شاردون في جموح .


[4635]:القاموس المحيط ص 1001.