في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{سُنَّةَ ٱللَّهِ فِي ٱلَّذِينَ خَلَوۡاْ مِن قَبۡلُۖ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ ٱللَّهِ تَبۡدِيلٗا} (62)

49

وفي النهاية يأتي تهديد المنافقين ومرضى القلوب والمرجفين الذي ينشرون الشائعات المزلزلة في صفوف الجماعة المسلمة . . تهديدهم القوي الحاسم ، بأنهم إذا لم يرتدعوا عما يأتونه من هذا كله ، وينتهوا عن إيذاء المؤمنين والمؤمنات ، والجماعة المسلمة كلها ، أن يسلط الله عليهم نبيه ، كما سلطه على اليهود من قبل ، فيطهر منهم جو المدينة ، ويطاردهم من الأرض ؛ و يبيح دمهم فحيثما وجدوا أخذوا وقتلوا . كما جرت سنة الله فيمن قبلهم من اليهود على يد النبي [ صلى الله عليه وسلم ] وغير اليهود من المفسدين في الأرض في القرون الخالية :

( لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض والمرجفون في المدينة لنغرينك بهم ، ثم لا يجاورونك فيها إلا قليلا ؛ ملعونين ، أينما ثقفوا أخذوا وقتلوا تقتيلا . سنة الله في الذين خلوا من قبل . ولن تجد لسنة الله تبديلا ) . .

ومن هذا التهديد الحاسم ندرك مدى قوة المسلمين في المدينة بعد بني قريظة ، ومدى سيطرة الدولة الإسلامية عليها . وانزواء المنافقين إلا فيما يدبرونه من كيد خفي ، لا يقدرون على الظهور ؛ إلا وهم مهددون خائفون .

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{سُنَّةَ ٱللَّهِ فِي ٱلَّذِينَ خَلَوۡاْ مِن قَبۡلُۖ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ ٱللَّهِ تَبۡدِيلٗا} (62)

الخامسة- " سنة الله " نصب على المصدر ، أي سن الله جل وعز فيمن أرجف بالأنبياء وأظهر نفاقه أن يؤخذ ويقتل . " ولن تجد لسنة الله تبديلا " أي تحويلا وتغييرا ، حكاه النقاش . وقال السدي : يعني أن من قتل بحق فلا دية على قاتله . المهدوي : وفي الآية دليل على جواز ترك إنفاذ الوعيد ، والدليل على ذلك بقاء المنافقين معه حتى مات . والمعروف من أهل الفضل إتمام وعدهم وتأخير وعيدهم ، وقد مضى هذا في " آل عمران " {[12926]} وغيرها .


[12926]:راجع ج 4 ص 303.
 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{سُنَّةَ ٱللَّهِ فِي ٱلَّذِينَ خَلَوۡاْ مِن قَبۡلُۖ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ ٱللَّهِ تَبۡدِيلٗا} (62)

ولما سن لهم هذا العذاب الهائل في الدنيا ، بين أن تلك عادته في أوليائه وأعدائه ، فقال مؤكداً بالإقامة في موضع المصدر ، لما لهم من استبعاد ذلك لكونهم لم يعهدوا مثله مع ما لهم من الاشتباك بالأهل{[56094]} والعشائر فقال : { سنة الله } أي طرّق لك{[56095]} المحيط بجميع العظمة هذه{[56096]} الطريقة كطريقته { في الذين خلوا } أي مضت أيامهم وأخبارهم ، وانقضت وقائعهم وأعمارهم ، من الذين كانوا ينافقون على الأنبياء كقارون وأشياعه ، وبين قتلهم بكونهم في بعض الأزمنة فقال : { من قبل } وأعظم التأكيد لما لهم من الاستبعاد الذي جرأهم على النفاق فقال : { ولن تجد } أي أزلاً{[56097]} وأبداً { لسنة الله } أي طريقة الملك الأعظم { تبديلاً * } كما تبدل سنن الملوك ، لأنه لا يبدلها ، ولا مداني له في العظمة ليقدر على تبديلها{[56098]} .


[56094]:زيد من ظ وم ومد.
[56095]:زيد من ظ وم ومد.
[56096]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: عظمة.
[56097]:في ظ وم ومد: أصلا.
[56098]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: تبدلها.