( والسماء ذات الحبك ، إنكم لفي قول مختلف ، يؤفك عنه من أفك ) . .
يقسم بالسماء المنسقة المحكمة التركيب . كتنسيق الزرد المتشابك المتداخل الحلقات . . وقد تكون هذه إحدى هيئات السحب في السماء حين تكون موشاة كالزرد مجعدة تجعد الماء والرمل إذا ضربته الريح . وقد يكون هذا وضعا دائما لتركيب الأفلاك ومداراتها المتشابكة المتناسقة .
قوله جلّ ذكره : { والسَّمَاءِ ذَاتِ الحُبُكِ إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُّخْتَلِفٍ يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ } .
{ ذَاتِ الْحُبُكِ } أي ذات الطرائق الحسنة - وهذا قَسَمٌ ثانٍ ، وجوابه : { إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُّخْتَلِفٍ } يعني في أمر محمدٍ صلى الله عليه وسلم فأحدهم يقول : إنه ساحر ، وآخر يقول : مجنون ، وثالث يقول : شاعر . . . . وغير ذلك .
والإشارة فيه إلى القسم بسماء التوحيد ذات الزينة بشمس العرفان ، وقمر المحبة ، ونجوم القُرب . . . إنكم في باب هذه الطريقة لفي قولٍ مختلف ؛ فَمِنْ مُنْكِرٍ يجحد الطريقة ، ومِنْ مُعترِضٍ يعترض على أهلها يتوهَّم نقصانهم في القيام بحق الشريعة ، ومن متعسِّفٍ لا يخرج من ضيق حدود العبودية ولا يعرف خبراً عن تخصيص الحقِّ أولياءَه بالأحوال السنية ، قال قائلهم :
فد سَحبَ الناسُ أذيال الظنون بنا *** وفَرَّقَ الناسُ فينا قولهم فِرقَا
فكاذبٌ قد رمى بالظنِّ غَيْرتكم *** وصادقٌ ليس يدري أنه صَدَقَا
قوله : { والسماء ذات الحبك } وذلك قسم آخر . إذ يقسم الله بجزء من خلقه وهي السماء { ذات الحبك } أي ذات الطرائق كالذي يصيب الماء والرمل إذا أصابته الريح . والحبك ، جمع ومفرده حباك وحبيكة وهي الطريقة في الرمل ونحوه . وقيل : الحبك ، تكسر كل شيء كالرمل إذا مرت به الريح . وقيل : كل شيء أحكمته وأحسنت عمله فقد احتبكته . وقد روي أن عائشة ( رضي الله عنها ) كانت تحتبك تحت الدرع في الصلاة . أي تشد الإزار وتحكمه{[4326]} .
ويمكن الخلوص إلى القول في المراد بالسماء ذات الحبك ، أنها السماء المرفوعة ذات البناء المتين والمنظر الحسن والخلق المستوي ، الذي لا عوج فيه ولا نفور ولا تفاوت . قال ابن عباس ( رضي الله عنهما ) في تأويل { والسماء ذات الحبك } : ذات الجمال والبهاء والحسن والاستواء .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.