في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{أَوَلَمۡ يَرَوۡاْ أَنَّ ٱللَّهَ يَبۡسُطُ ٱلرِّزۡقَ لِمَن يَشَآءُ وَيَقۡدِرُۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّقَوۡمٖ يُؤۡمِنُونَ} (37)

33

ويعقب على هذه الصورة بسؤال استنكاري يعجب فيه من أمرهم ، وقصر نظرهم وعمى بصيرتهم . فالأمر في السراء والضراء يتبع قانونا ثابتا ، ويرجع إلى مشيئة الله سبحانه ، فهو الذي ينعم بالرحمة ، ويبتلي بالشدة ؛ ويبسط الرزق ويضيقه وفق سنته ، وبمقتضى حكمته . وهذا ما يقع كل آن ، ولكنهم هم لا يبصرون :

( أو لم يروا أن الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر ? ) . .

فلا داعي للفرح والبطر عند البسط ، ولا لليأس والقنوط عند القبض ؛ فإنما هي أحوال تتعاور الناس وفق حكمة الله ، وفيها للقلب المؤمن دلالة على أن مرد الأمر كله لله ، ودلالة على اطراد السنة ، وثبات النظام ، رغم تقلب الأحوال :

إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون . .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{أَوَلَمۡ يَرَوۡاْ أَنَّ ٱللَّهَ يَبۡسُطُ ٱلرِّزۡقَ لِمَن يَشَآءُ وَيَقۡدِرُۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّقَوۡمٖ يُؤۡمِنُونَ} (37)

{ أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ } فالقنوط بعد ما علم أن الخير والشر من اللّه والرزق سعته وضيقه من تقديره ضائع ليس له محل . فلا تنظر أيها العاقل لمجرد الأسباب بل اجعل نظرك لمسببها ولهذا قال : { إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } فهم الذين يعتبرون بسط اللّه لمن يشاء وقبضه ، ويعرفون بذلك حكمة اللّه ورحمته وجوده وجذب القلوب لسؤاله في جميع مطالب الرزق .

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{أَوَلَمۡ يَرَوۡاْ أَنَّ ٱللَّهَ يَبۡسُطُ ٱلرِّزۡقَ لِمَن يَشَآءُ وَيَقۡدِرُۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّقَوۡمٖ يُؤۡمِنُونَ} (37)

قوله { أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاء وَيَقْدِرُ } أو لم ير هؤلاء الذين يفرحون بالنعم والخيرات ، وييأسون من حصول الفرج وانكشاف البلاء ، أن الله بيده كل شيء ؛ فهو الذي يوسع على من يشاء من عباده أو يضيّق على من يشاء منهم ؛ لما يعلمه الله في ذلك من الحكمة . فما ينبغي أن يستيئس المسلمون المبتلون بالشدائد والمحن من رحمة الله .

وما ينبغي للإياس أن يجد إلى نفوسهم سبيلا . وإنما الإياس والقنوط شأن الكافرين والمنافقين والخائرين من ضَعَفَة الإيمان .

قوله : { إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } اسم الإشارة { ذلك } يعود على بسط الرزق على من بسط الله عليه ، وتضييقه وتقتيره على من أراد التقتير عليه .

وفي هذا لدلالة على بالغ الحكمة لله في كل ما يريد ويفعل{[3613]} .


[3613]:تفسير الرازي ج 25 ص 123، والكشاف ج 3 ص 223، وتفسير الطبري ج 21 ص 28-29.