( وعد الله . لا يخلف الله وعده . ولكن أكثر الناس لا يعلمون . يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون ) . .
ذلك النصر وعد من الله ، فلابد من تحققه في واقع الحياة : ( لا يخلف الله وعده )فوعده صادر عن إرادته الطليقة ، وعن حكمته العميقة . وهو قادر على تحقيقه ، لا راد لمشيئته ، ولا معقب لحكمه ، ولا يكون في الكون إلا ما يشاء .
وتحقيق هذا الوعد طرف من الناموس الأكبر الذي لا يتغير ( ولكن أكثر الناس لا يعلمون )ولو بدا في الظاهر أنهم علماء ، وأنهم يعرفون الكثير . ذلك أن علمهم سطحي ، يتعلق بظواهر الحياة ، ولا يتعمق سننها الثابتة ، وقوانينها الأصيلة ؛ ولا يدرك نواميسها الكبرى ، وارتباطاتها الوثيقة :
{ وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ } فتيقنوا ذلك واجزموا به واعلموا أنه لا بد من وقوعه .
فلما نزلت هذه الآيات التي فيها هذا الوعد صدق بها المسلمون ، وكفر بها المشركون حتى تراهن بعض المسلمين وبعض المشركين على مدة سنين عينوها ، فلما جاء الأجل الذي ضربه اللّه انتصر الروم على الفرس وأجلوهم من بلادهم التي أخذوها منهم وتحقق وعد اللّه .
وهذا من الأمور الغيبية التي أخبر بها اللّه قبل وقوعها ووجدت في زمان من أخبرهم اللّه بها من المسلمين والمشركين . { وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ } أن ما وعد اللّه به حق فلذلك يوجد فريق منهم يكذبون بوعد الله ، ويكذبون آياته .
ولما نزل هذا على قوم أكثرهم له منكر ، أكده سبحانه بما{[52638]} يقوي قلوب أصفيائه بتبيين المراد ، ويرد ألسنة أعدائه عن كثير من العناد{[52639]} ، ويعرفهم أنه كما صدق في هذا الوعد لأجل تفريح أوليائه فهو يصدق في وعد الآخرة ليحكم بالعدل ، ويأخذ لهم حقهم ممن عاداهم ، ويفضل عليهم بعد ذلك بما يريد ، فقال : { وعد الله } أي الذي له جميع صفات الكمال ، وهو متعال عن كل شائبة نقص ، فلذلك { لا يخلف } وأعاد ذكر الجلالة تنبيهاً على عظم الأمر فقال : { الله } أي الذي له الأمر كله . ولما كان لا يخلف شيئاً من الوعد ، لا هذا الذي في أمر الروم ولا غيره ، أظهر فقال : { وعده } كما يعلم{[52640]} ذلك أولياؤه { ولكن أكثر الناس } وهم أهل الاضطراب والنوس { لا يعلمون* } أي ليس لهم علم أصلاً ، ولذلك لا نظر لهم يؤدي إلى أنه وعد و{[52641]} أنه لا بد من وقوع ما وعد به في الحال التي ذكرها لأنه قادر و{[52642]} حكيم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.