وإلى إغناء السائل مع الرفق به والكرامة ، كانت - كما ذكرنا مرارا - من أهم إيحاءات الواقع في البيئة الجاحدة المتكالبة ، التي لا ترعى حق ضعيف ، غير قادر على حماية حقه بسيفه ! حيث رفع الإسلام هذه البيئة بشرعة الله إلى الحق والعدل ، والتحرج والتقوى ، والوقوف عند حدود الله ، الذي يحرس حدوده ويغار عليها ويغضب للاعتداء على حقوق عباده الضعفاف الذين لا يملكون قوة ولا سيفا يذودون به عن هذه الحقوق .
{ وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ } أي : لا يصدر منك إلى السائل كلام{[1452]} يقتضي رده عن مطلوبه ، بنهر وشراسة خلق ، بل أعطه ما تيسر عندك أو رده بمعروف [ وإحسان ] .
وهذا يدخل فيه السائل للمال ، والسائل للعلم ، ولهذا كان المعلم مأمورًا بحسن الخلق مع المتعلم ، ومباشرته بالإكرام والتحنن عليه ، فإن في ذلك معونة له على مقصده ، وإكرامًا لمن كان يسعى في نفع العباد والبلاد .
{ وأما السائل فلا تنهر } النهر هو الانتهار والزجر والنهي عنه أمر بالقول الحسن ، والدعاء للسائل كما قال تعالى : { فقل لهم قولا ميسورا } [ الإسراء : 28 ] ، ويحتمل السائل أن يريد به سائل الطعام والمال ، وهذا هو الأظهر ، والسائل عن العلم والدين ، وفي قوله تقهر ، وتنهر لزوم ما لا يلزم من التزام الهاء قبل الراء .
ولما بدأ بما كان بداية له ، ثنى بما هو نهاية له من حيث كونه يصير رأس الخلق فيصير محط الرجال في كل سؤال من علم ومال ، فقال مقدماً له اهتماماً به إشارة إلى أن جبر الخواطر واستئلاف الخلق من أعظم المقاصد في تمام الدين : { وأما السائل } أي الذي أحوجته العيلة أو غيرها إلى السؤال { فلا تنهر * } أي تزجر زجراً مهيناً ، فقد علمت مضاضة العيلة ، بل أعطه ولو قليلاً ، أو رده رداً جميلاً ، وكذا السائل في العلم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.