في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَوَجَدَكَ ضَآلّٗا فَهَدَىٰ} (7)

ولقد كنت فقيرا فأغنى الله نفسك بالقناعة ، كما أغناك بكسبك ومال أهل بيتك [ خديجة رضي الله عنها ] عن أن تحس الفقر ، أو تتطلع إلى ما حولك من ثراء !

ثم لقد نشأت في جاهلية مضطربة التصورات والعقائد ، منحرفة السلوك والأوضاع ، فلم تطمئن روحك إليها . ولكنك لم تكن تجد لك طريقا واضحا مطمئنا . لا فيما عند الجاهلية ولا فيما عند أتباع موسى وعيسى الذين حرفوا وبدلوا وانحرفوا وتاهوا . . ثم هداك الله بالأمر الذي أوحي به إليك ، وبالمنهج الذي يصلك به .

والهداية من حيرة العقيدة وضلال الشعاب فيها هي المنة الكبرى ، التي لا تعدلها منة ؛ وهي الراحة والطمأنينة من القلق الذي لا يعدله قلق ؛ ومن التعب الذي لا يعدله تعب ، ولعلها كانت بسبب مما كان رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] يعانيه في هذه الفترة ، من انقطاع الوحي وشماتة المشركين ووحشة الحبيب من الحبيب . فجاءت هذه تذكره وتطمئنه على أن ربه لن يتركه بلا وحي في التيه وهو لم يتركه من قبل في الحيرة والتيه !

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَوَجَدَكَ ضَآلّٗا فَهَدَىٰ} (7)

{ وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى } أي : وجدك لا تدري ما الكتاب ولا الإيمان ، فعلمك ما لم تكن تعلم ، ووفقك لأحسن الأعمال والأخلاق .

 
التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{وَوَجَدَكَ ضَآلّٗا فَهَدَىٰ} (7)

{ ووجدك ضالا فهدى } فيه ستة أقوال :

أحدها : وجدك ضالا عن معرفة الشريعة فهداك إليها فالضلال عبارة عن التوقيف في أمر الدين حتى جاءه الحق من عند الله فهو كقوله : { ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان } [ الشورى : 52 ] وهذا هو الأظهر وهو الذي اختاره ابن عطية وغيره ومعناه : أنه لم يكن يعرف تفصيل الشريعة وفروعها حتى بعثه الله ولكنه ما كفر بالله ولا أشرك به لأنه كان معصوما من ذلك قبل النبوة وبعدها .

والثاني : وجدك في قوم ضلال فكأنك واحد منهم وإن لم تكن تعبد ما يعبدون وهذا قريب من الأول .

والثالث : وجدك ضالا عن الهجرة فهداك إليها ، وهذا ضعيف ، لأن السورة نزلت قبل الهجرة . الرابع : وجدك حامل الذكر لا تعرف فهدى الناس إليك وهداهم بك وهذا بعيد عن المعنى المقصود .

الخامس : أنه من الضلال عن الطريق وذلك أنه صلى الله عليه وسلم ضل في بعض شعب مكة وهو صغير فرده الله إلى جده ، وقيل : بل ضل من مرضعته حليمة فرده الله إليها ، وقيل : بل ضل في طريق الشام حين خرج إليها مع أبي طالب .

السادس : أنه بمعنى الضلال من المحبة أي : وجدك محبا لله فهداك إليه ، ومنه قول إخوة يوسف لأبيهم : { تالله إنك لفي ضلالك القديم } [ يوسف : 95 ] أي : محبتك ليوسف وبهذا كان يقول شيخنا الأستاذ أبو جعفر بن الزبير .

/خ11

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{وَوَجَدَكَ ضَآلّٗا فَهَدَىٰ} (7)

ولما كان يلزم من اليتم في الغالب عدم العلم لليتيم لتهاون الكافل ، ومن عدم العلم الضلال ، قال مبيناً أن يتمه وإهماله من الحمل على دينهم كان نعمة عظيمة عليه لأنه لم يكن على دين قومه في حين من الأحيان أصلاً : { ووجدك } أي صادفك { ضالاً } أي لا تعلم الشرائع

{ ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان }[ الشورى : 52 ] فأطلق اللازم وهو الضلال على الملزوم ، والمسبب على السبب ، وهو عدم العلم ، فكنت لأجل ذلك لا تقدم على فعل من الأفعال لأنك لا تعلم الحكم فيه إلا ما علمت بالعقل الصحيح والفطرة السليمة المستقيمة من التوحيد وبعض توابعه ، وهذا هو التقوى كما تقدم في الفاتحة ، ولم يرد به حقيقته وإنما أعراه من التعلق بشيء من الشرائع ونحوها بإعدام من يحمله على ذلك ليفرغه ذلك للتأمل بنفسه فيوصله بعقله السديد إلى الاعتقاد الحق في الأصول والوقوف في الفروع { فهدى * } أي فهداك هدى محيطاً بكل علم ، فعلمك بالوحي والإلهام والتوفيق للنظر ما لم تكن تعلم .