في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَرَبَّكَ فَكَبِّرۡ} (3)

ثم يوجه الله رسوله في خاصة نفسه بعد إذ كلفه نذارة غيره :

يوجهه إلى تكبير ربه : ( وربك فكبر ) . . ربك وحده . . فهو وحده الكبير ، الذي يستحق التكبير . وهو توجيه يقرر جانبا من التصور الإيماني لمعنى الألوهية ، ومعنى التوحيد .

إن كل أحد ، وكل شيء ، وكل قيمة ، وكل حقيقة . . صغير . . والله وحده هو الكبير . . وتتوارى الأجرام والأحجام ، والقوى والقيم ، والأحداث والأحوال ، والمعاني والأشكال ؛ وتنمحي في ظلال الجلال والكمال ، لله الواحد الكبير المتعال .

وهو توجيه للرسول [ صلى الله عليه وسلم ] ليواجه نذارة البشرية ، ومتاعبها وأهوالها وأثقالها ، بهذا التصور ، وبهذا الشعور ، فيستصغر كل كيد ، وكل قوة ، وكل عقبة ، وهو يستشعر أن ربه الذي دعاه ليقوم بهذه النذارة ، هو الكبير . . ومشاق الدعوة وأهوالها في حاجة دائمة إلى استحضار هذا التصور وهذا الشعور .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَرَبَّكَ فَكَبِّرۡ} (3)

{ وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ } أي : عظمه بالتوحيد ، واجعل قصدك في إنذارك وجه الله ، وأن يعظمه العباد ويقوموا بعبادته .

   
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{وَرَبَّكَ فَكَبِّرۡ} (3)

الرابعة- " وربك فكبر " أي سيدك ومالكك ومصلح أمرك فعظم ، وصفه بأنه أكبر من أن يكون له صاحبة أو ولد . وفي حديث أنهم قالوا : بم تفتتح الصلاة ؟ فنزلت : " وربك فكبر " أي وصفه بأنه أكبر . قال ابن العربي : وهذا القول وإن كان يقتضي بعمومه تكبير الصلاة ، فإنه مراد به التكبير{[15544]} والتقديس والتنزيه ، لخلع الأنداد والأصنام دونه ، ولا تتخذ وليا غيره ، ولا تعبد سواه ، ولا ترى لغيره فعلا إلا له ، ولا نعمة إلا منه . وقد روي أن أبا سفيان قال يوم أحد : اعل هبل ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( قولوا الله أعلى وأجل ) وقد صار هذا اللفظ بعرف الشرع في تكبير العبادات كلها أذانا وصلاة وذكرا بقوله : " الله أكبر " وحمل عليه لفظ النبي صلى الله عليه وسلم الوارد على الإطلاق في موارد ، منها قوله : ( تحريمها التكبير ، وتحليلها التسليم ) والشرع يقتضي بعرفه ما يقتضي بعمومه ، ومن موارده أوقات الإهلال بالذبائح لله تخليصا له من الشرك ، وإعلانا{[15545]} باسمه في النسك ، وإفرادا لما شرع منه لأمره بالسفك . قلت : قد تقدم في أول سورة " البقرة " {[15546]} أن هذا اللفظ " الله أكبر " هو المتعبد به في الصلاة ، المنقول عن النبي صلى الله عليه وسلم . وفي التفسير : أنه لما نزل قوله تعالى : " وربك فكبر " قام رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : ( الله أكبر )فكبرت خديجة ، وعلمت أنه الوحي من الله تعالى ، ذكره القشيري .

الخامسة- الفاء في قوله تعالى : " وربك فكبر " دخلت على معنى جواب الجزاء كما دخلت في ( فأنذر ) أي قم فأنذر وقم فكبر ربك ، قاله الزجاج . وقال ابن جني : هو كقولك زيدا فاضرب ، أي زيدا اضرب ، فالفاء زائدة .


[15544]:كذا في أحكام القرآن، تفسير ابن العربي المطبوع بالقاهرة سنة 1331هـ. وفيما نقله المؤلف عن ابن العربي هنا، تصرف في اللفظ بزيادة ونقص، فليرجع (ج 2/287).
[15545]:كذا في أحكام القرآن وفي ح، ز، و: "إعلاما" بالميم.
[15546]:راجع جـ 1 ص 175.