في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{ٱلَّذِينَ هُمۡ عَلَىٰ صَلَاتِهِمۡ دَآئِمُونَ} (23)

وصفة المؤمنين المستثنين من الهلع ، تلك السمة العامة للإنسان ، يفصلها السياق هنا ويحددها :

( إلا المصلين . الذين هم على صلاتهم دائمون ) . .

والصلاة فوق أنها ركن الإسلام وعلامة الإيمان ، هي وسيلة الاتصال بالله والاستمداد من ذلك الرصيد . ومظهر العبودية الخالصة التي يتجرد فيها مقام الربوبية ومقام العبودية في صورة معينة . وصفة الدوام التي يخصصها بها هنا : ( الذين هم على صلاتهم دائمون ) . . تعطي صورة الاستقرار والاستطراد ، فهي صلاة لا يقطعها الترك والإهمال والكسل وهي صلة بالله مستمرة غير منقطعة . . وقد كان رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] إذا عمل شيئا من العبادة أثبته - أي داوم عليه - وكان يقول : " وإن أحب الأعمال إلى الله تعالى ما دام وإن قل " . . لملاحظة صفة الاطمئنان والاستقرار والثبات على الاتصال بالله ، كما ينبغي من الاحترام لهذا الاتصال . فليس هو لعبة توصل أو تقطع ، حسب المزاج !

 
تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{ٱلَّذِينَ هُمۡ عَلَىٰ صَلَاتِهِمۡ دَآئِمُونَ} (23)

19

المفردات :

على صلاتهم دائمون : مواظبون عليها ، لا يشغلهم عنها شاغل .

التفسير :

22 ، 23- إلا المصلين* الذين هم على صلاتهم دائمون .

استثنى الله ممن اتصف بالهلع والجزع والمنع فئة المصلّين ، فإن الصلاة تربط المؤمن بالله ، وتجعله يحنّ إلى الوقوف بين يديه وطاعته ، وامتثال أمره واجتناب نواهيه ، فتزيده الصلاة يقينا وهدوء بال ، وانشراح صدر وجميل عطاء .

الذين هم على صلاتهم دائمون .

فهم مستمرون في المحافظة عليها ، لا يتركون صلاة مفروضة ، بل يؤدون جميع الفرائض ، ويحفّونها بالنوافل .

وقيل : معنى : الذين هم على صلاتهم دائمون .

أي : خاشعون في الصلاة ، يتدبّرون معاني ما يقرؤون ، وما يسبّحون ويحمدون ويكبّرون ، فهم في الصلاة جسما وروحا ، مداومون على الخشوع داخل الصلاة ، مداومون على إتمام ركوعها وسجودها وخشوعها ، وذلك بمعنى قوله تعالى : قد أفلح المؤمنون* الذين هم في صلاتهم خاشعون . ( المؤمنون : 1 ، 2 ) .

ومن معاني المداومة على الصلاة الاستمرار في الصلاة وإكمالها ، بإسباغ الوضوء لها وأدائها في أول الوقت ، وصلاة النوافل معها ، والبعد عن المعصية واللغو وكل ما يضادّ الطاعة .

قال تعالى : إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر . . . ( العنكبوت : 45 ) .

وفي الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قلّ )ix .

 
روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي [إخفاء]  
{ٱلَّذِينَ هُمۡ عَلَىٰ صَلَاتِهِمۡ دَآئِمُونَ} (23)

{ الذين هُمْ على صَلاَتِهِمْ دَائِمُونَ } أي مواظبون على أدائها لا يخلون بها ولا يشتغلون عنها بشيء من الشواغل وفيه إشارة إلى فضل المداومة على العبادة وقد أخرج ابن حبان عن أبي سلمة قال حدثتني عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " خذوا من العمل ما تطيقون فإن الله تعالى لا يمل حتى تملوا قالت فكان أحب الأعمال إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما دام عليه وإن قل وكان إذا صلى صلاة دام عليها " وقرأ أبو سلمة الذين هم على صلاتهم دائمون وأخرج أحمد في مسنده عنها أنها قالت كان عمله صلى الله عليه وسلم ديمة قال جار الله أي ما فعل من أفعال الخير إلا وقد اعتاد ذلك ويفعله كلما جاء وقته ووجه بأن الفعلة للحالة التي يستمر عليها الشخص ثم في جعله نفس الحالة ما لا يخفي من المبالغة والدلالة على أنه كان ملكة له عليه الصلاة والسلام وقيل دائمون أي لا يلتفتون فيها ومنه الماء الدائم وروى ذلك عن عمران بن حصين وكذا عن عقبة بن عامر أخرج ابن المنذر عن أبي الخير أن عقبة قال لهم من الذين هم على صلاتهم دائمون قال قلنا الذين لا يزالون يصلون فقال لا ولكن الذين إذا صلوا لم يلتفتوا عن يمين ولا شمال وإليه ذهب الزجاج فتشعر الآية بذم الالتفات في الصلاة وقد نطقت الأخبار بذلك واستدل بعضهم بها على أنه كبيرة وتحقيقه في «الزواجر » وعن ابن مسعود ومسروق أن دوامها أداؤها في مواقيتها وهو كما ترى ولعل ترك الالتفات والأداء في الوقت يتضمنه ما يأتي من المحافظة إن شاء الله تعالى والمراد بالصلاة على ما أخرج عبد بن حميد عن إبراهيم التيمي الصلاة المكتوبة وعن الإمام أبي جعفر رضي الله تعالى عنه أن المراد بها النافلة وقيل ما أمروا به مطلقاً منها وقرأ الحسن صلواتهم بالجمع .