44- { أَمْ يَقُولُونَ نَحْنُ جَمِيعٌ مُنْتَصِرٌ } .
أي : بل أيقول هؤلاء الكفار : نحن أولو حزم وعزم ، وأمرنا مجتمع متحد ، لا يضارم ولا يرام ، وسينتصر جمعنا على محمد وأصحابه .
رُوي أن أبا جهل ضرب فرسه يوم بدر فتقدم الصفّ ، وقال : نحن ننتصر اليوم من محمد ، أي نغلبه وننتقم منه ، وهكذا سدّ القرآن عليهم كل منفذ ، ووضحّ إفلاسهم ، فهم ليسوا أفضل ممن سبقهم من الكفار الهالكين ، وليس معهم صك أو وثيقة أو براءة تثبت نجاتهم في الدنيا من العذاب ، وسلامتهم في الآخرة من النار ، ثم واجه غرورهم وطمعهم في النصر على جند الله وقدره ،
ولما بلغوا إلى هذا الحد من التمادي في الكفر مع المواعظ البالغة والاستعطاف المكين ، استحقوا أعظم الغضب ، فأعرض عنهم الخطاب إيذاناً بذلك وإهانة لهم واحتقاراً وإقبالاً على النبي صلى الله عليه وسلم تسلية فقال عاطفاً على ما تقديره : أيدعون جهلاً ومكابرة شيئاً من هذين الأمرين : { أم يقولون } أي هؤلاء الذين أنت بين أظهرهم تعاملهم باللين في القال والقيل والصفح الجميل امتثالاً لأمرنا تعظيماً لقدرك فاستهانوا بك : { نحن جميع } أي جمع واحد مبالغ في اجتماعه فهو في الغاية من الضم فلا افتراق له { منتصر * } أي على كل من يناويه لأنهم على قلب رجل واحد ، فالإفراد للفظ " جميع " ولإفهام هذا المعنى ، أو أن كل واحد محكوم له بالانتصار .