مزدجر : ازدجار وانتهار وردع عما هم فيه من الكفر والضلال .
4- { وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنَ الْأَنْبَاءِ مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ } .
ولقد جاء هؤلاء الكفار من أخبار الأمم السابقة ، وما نزل بها من الهلاك والدّمار ، عندما كذبت رسلها ، أو جاءهم من أخبار القرآن وتشريعاته وهداياته ، ما فيه زجر لهم عن اتباع الهوى والكفر والضلال .
{ ولقد جاءهم من الأنباء } : أي من أنباء الأمم السالفة ما قصه القرآن .
{ ما فيه مزدجر } : أي جاءهم من الأخبار ما فيه ما يزجرهم عن التكذيب والكفر .
وقوله تعالى { ولقد جاءهم من الأنباء } أي من أخبار الأمم السابقة وكيف أهلكها الله بتكذيبها رسلها وإصرارها على الشرك والكفر ، وذلك في القرآن الكريم ما فيه مزدجر أي جاء من الأخبار الواعظة المذكرة من قصص الأنبياء مع أممهم ما فيه زاجر عن التكذيب والمعاصي هو حكمة بالغة تامة .
قوله تعالى : " ولقد جاءهم من الأنباء " أي من بعض الأنباء ، فذكر سبحانه من ذلك ما علم أنهم يحتاجون إليه ، وأن لهم فيه شفاء . وقد كان هناك أمور أكثر من ذلك ، وإنما اقتص علينا ما علم أن بنا إليه حاجة وسكت عما سوى ذلك ، وذلك قوله تعالى : " ولقد جاءهم من الأنباء " أي جاء هؤلاء الكفار من أنباء الأمم الخالية " ما فيه مزدجر " أي ما يزجرهم عن الكفر لو قبلوه . وأصله مزتجر فقلبت التاء دالا ؛ لأن التاء حرف مهموس والزاي حرف مجهور ، فأبدل من التاء دالا توافقها في المخرج وتوافق الزاي في الجهر . و " مزدجر " من الزجر وهو الانتهاء ، يقال : زجره وازدجره فانزجر وازدجر ، وزجرته أنا فانزجر أي كففته فكف ، كما قال :
فأصبح ما يطلبُ الغانيا *** ت مُزْدَجَراً عن هواه ازدجارا
وقرئ " مزجر " بقلب تاء الافتعال زايا وإدغام الزاي فيها ، حكاه الزمخشري .
ولما حذر وبشر قال معلماً أنه محيط العلم بأمرهم من قبل الإجابة إلى شق القمر وأنه ما شقه لطمع في إيمانهم بل للأعلام بخذلانهم مؤكداً لمن يتعلق رجاؤه بأن تواتر الآيات ربما أوجب لهم التصديق المتضمن لأن ما جاءهم ليس فيه كفاية : { ولقد جاءهم } من قبيل الانشقاق { من الأنباء } أي الأمور العظيمة المرئية ، المسموعة التي تستحق لعظمتها أن يخبر بها إخباراً عظيماً سيما ما جاء في القرآن من تفصيل أصول الدين وفروعه وأخبار الأولين والآخرين والأولى والأخرى { ما فيه } خاصة { مزدجر * } أي موضع للزجر من شأنه أن يكون لهم به انزجار عظيم عما فيه من الباطل ، ولكن لم يزدجر منهم إلا من أراد الله ، قال القشيري : لأن الله أسبل على أبصارهم سجوف الجهل فعموا عن مواضع الرشد .
قوله : { ولقد جاءهم من الأنباء ما فيه مزدجر } ما ، في موضع رفع فاعل لقوله : { جاءهم } {[4393]} ومزدجر ، من الزجر وهو المنع والنهي . يقال : زجره وازدجره فانزجر وازدجر {[4394]} والمعنى : لقد جاء هؤلاء المشركين المكذبين من أخبار الأمم السابقة عما حل بهم من أصناف العذاب والنكال { ما فيه مزدجر } أي ما يزجرهم ويخيفهم ويردعهم عما هم فيه من الشرك والضلال والعصيان .