لواقع : لنازل وكائن على شدّة .
7-8 : { إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ *مَا لَهُ مِنْ دَافِعٍ } .
هذا هو جواب القسم ، فقد أقسم الله بالطور وما بعده على أن عذاب الله يوم القيامة واقع ونازل بالمكذبين ، ولا يجدون وسيلة لدفع هذا العذاب ، ولا يجدون منه مهربا ، وفي ذلك اليوم يختل نظام الكون ، فتنشق السماء على غلظها ، وتتعلق الملائكة بأطرافها .
قال تعالى : { وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ وَنُزِّلَ الْمَلاِئكةُ تَنْزِيلاً* الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمَنِ وَكَانَ يَوْمًا عَلَى الْكَافِرِينَ عَسِيرًا } . ( الفرقان : 25-26 ) .
تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :
فأقسم الله تعالى بهؤلاء الآيات، فقال: {إن عذاب ربك لواقع} بالكفار...
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
وقوله: "إنّ عَذَابَ رَبّكَ لَوَاقِعٌ "يقول تعالى ذكره لنبيه صلى الله عليه وسلم: إنّ عَذَابَ رَبّكَ لَوَاقِعٌ" يا محمد، لكائن حالّ بالكافرين به يوم القيامة.
التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :
"إن عذاب ربك لواقع" جواب القسم، أقسم الله تعالى بالأشياء التي تقدم ذكرها ليتحقق عند العباد أن عذابه واقع لا محالة لمن وافى على الصفة التي يستحق بها العقوبة، وأن لا يطمع أن ينفعه سؤال حميم أو قريب منه...
{عذاب ربك} فيه لطيفة عزيزة وهي أنه تعالى لو قال إن عذاب الله لواقع، والله اسم منبئ عن العظمة والهيبة كان يخاف المؤمن بل النبي صلى الله عليه وسلم من أن يلحقه ذلك لكونه تعالى مستغنيا عن العالم بأسره، فضلا عن واحد فيه، فأمنه بقوله {ربك} فإنه حين يسمع لفظ الرب يأمن.
قوله {لواقع} فيه إشارة إلى الشدة، فإن الواقع والوقوع من باب واحد فالواقع أدل على الشدة من الكائن...
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :
{لواقع} أي ثابت نازل بمن أراد نزول ما هو ثقيل من مكان عال كما أنه لو أراد لقلب الأرض التي ثبتها و أوقع السقف الذي رفع، وأطلق البحر الذي سجر، كما علم من إطلاقه البحر فلقه على آل فرعون حتى أغرقهم به
التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :
وتحقيق وقوع عذاب الله يوم القيامة إثبات للبعث بطريق الكناية القريبة، وتهديد للمشركين بطريق الكناية التعريضية. والوقوع: أصله النزول من علوّ واستعمل مجازاً للتحقق وشاع ذلك، فالمعنى: أن عذاب ربك لمتحقق. وحذف متعلق {لواقع}، وتقديره: على المكذبين، أو بالمكذبين، كما دل عليه قوله بعدُ {فويل يومئذ للمكذبين} [الطور: 11]، أي المكذبين بك بقرينة إضافة رب إلى ضمير المخاطب المشعر بأنه معذبهم لأنه ربك وهم كذّبُوك فقد كذبوا رسالة الرب. وتضمن قوله: {إن عذاب ربك لواقع} إثبات البعث بعد كون الكلام وعيداً لهم على إنكار البعث وإنكارهم أن يكونوا معذبين.
قوله تعالى : " إن عذاب ربك لواقع " هذا جواب القسم ، أي واقع بالمشركين . قال جبير بن مطعم : قدمت المدينة لأسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم في أسارى بدر ، فوافيته يقرأ في صلاة المغرب " والطور " إلى قوله : " إن عذاب ربك لواقع . ما له من دافع " فكأنما صدع قلبي ، فأسلمت خوفا من نزول العذاب ، وما كنت أظن أن أقوم من مقامي حتى يقع بي العذاب . وقال هشام بن حسان : انطلقت أنا ومالك بن دينار إلى الحسن وعنده رجل يقرأ " والطور " حتى بلغ " إن عذاب ربك لواقع . ماله من دافع " فبكى الحسن وبكى أصحابه ، فجعل مالك يضطرب حتى غشي عليه . ولما ولي بكار القضاء جاء إليه رجلان يختصمان فتوجهت على أحدهما اليمين ، فرغب إلى الصلح بينهما ، وأنه يعطي خصمه من عنده عوضا من يمينه فأبى إلا اليمين ، فأحلفه بأول " والطور " إلى أن قال له : قل " إن عذاب ربك لواقع " إن كنت{[14286]} كاذبا ، فقالها فخرج فكسر من حينه .
ولما أقسم بما يدل على نبوة موسى عليه السلام وثلث بما أشار إلى نبوة محمد صلى الله عليه وسلم ، وثنى بما هو مشترك بينهما ، وكان الأول مع ذلك دالاً على استقرار الأرض ، والثالث على صلاحيتها للسكنى ، والثاني على الحافظ في ذلك ، وربع بما كمل المنافع ، وحذر من السقوط كما خوف بالأول من الخسف ، وخمس بما دل على ما أريد بالأول من الاستقرار لأنه{[61508]} لو كان ميل لانطلق البحر إلى جهته ، أجاب القسم بقوله : { إن عذاب } ولما كان سبحانه عظيم الإكرام له صلى الله عليه وسلم ، أضاف العذاب إلى صفة الإحسان والتربية الخاصة به ، وأضاف الصفة إلى ضميره إيذاناً بأنه يريه في أمته ما يسره ، وإن مماثلة " ذنوبهم كذنوب أصحابهم " الماضين إنما هي في مجرد الإذلال ، لا في أنه يستأصلهم كما استأصل أولئك فقال : { ربك } أي الذي تولى تربيتك أي عذاب أراده بكل من أراد به لا سيما المعادي لأوليائه سبحانه { لواقع * } أي ثابت نازل بمن أراد نزول ما هو ثقيل من مكان عال كما أنه لو أراد لقلب الأرض التي ثبتها و{[61509]}أوقع السقف الذي رفع ، وأطلق البحر الذي سجر ، كما علم من إطلاقه البحر فلقه على آل فرعون حتى أغرقهم به