في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{إِنۡ هُوَ إِلَّا وَحۡيٞ يُوحَىٰ} (4)

إن هو إلا وحي يوحى . وهو يبلغكم ما يوحى إليه صادقا أمينا .

هذا الوحي معروف حامله . مستيقن طريقه . مشهودة رحلته . رآه الرسول [ صلى الله عليه وسلم ] رأي العين والقلب ، فلم يكن واهما ولا مخدوعا :

 
تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{إِنۡ هُوَ إِلَّا وَحۡيٞ يُوحَىٰ} (4)

إثبات النبوة وظاهرة الوحي

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

{ وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى ( 1 ) مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى ( 2 ) وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى ( 3 ) إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى ( 4 ) عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى ( 5 ) ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى ( 6 ) وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى ( 7 ) ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى ( 8 ) فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى ( 9 ) فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى ( 10 ) مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى ( 11 ) أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى ( 12 ) وَلَقَدْ رَآَهُ نَزْلَةً أُخْرَى ( 13 ) عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى ( 14 ) عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى ( 15 ) إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى ( 16 ) مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى ( 17 ) لَقَدْ رَأَى مِنْ آَيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى ( 18 ) }

1

المفردات :

هوى : سقط وغرب ، أو نزل .

ما ضلّ : ما حاد عن الطريق المستقيم .

صاحبكم : محمد صلى الله عليه وسلم .

وما غوى : ما اعتقد باطلا ، والخطاب في هذا لقريش .

وما ينطق عن الهوى : ما يتكلم بالباطل .

التفسير :

1 ، 2 ، 3 ، 4- { وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى * مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى * وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى } .

يقسم الله تعالى بالنجم الذي يُهتدى به في ظلمات البر والبحر .

وللنجوم فوائد ثلاث :

( أ‌ ) زينة للسماء .

( ب‌ ) رجوم للشياطين .

( ت‌ ) هداية للسائرين .

والنجوم عالم كبير متحرك ، له مسارات منتظمة لا تصطدم ببعضها ، بل تسير بحكمة الله وقدرته الذي يمسك بنظام هذا الكون .

قال تعالى : { فَلاَ أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ * وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ * إِنَّهُ لَقُرْآَنٌ كَرِيمٌ *فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ * لاَ يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ * تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ } . ( الواقعة : 75-80 )

يقسم الله بالنجوم عند إدبارها آخر الليل ، أو بالنجم الذي يهوي شهابا ثاقبا فيقتل الشياطين أو يخبلها .

وكانت الشياطين ترصّ بعضها فوق بعض ، حتى يكون آخر شيطان يستطيع أن يتسمَّع إلى كلام الملائكة ، فيسترق السمع ، ويخبر به الكهَّان ، فيكذب الكاهن مع هذا الأمر مائة كذبة ، فلما أرسل الله محمدا صلى الله عليه وسلم شُدَّت الحراسة على السماء ، فمن حاول استماع الغيب أصابه شهاب ثاقب ( نجم يهوى ) فيقتله أو يخبله ، فلما أخبرت الجنّ رئيسها بذلك ، قال لهم : انطلقوا في الأرض فانظروا ما حدث فيها ، فانطلقت طائفة إلى مكة ، فسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قائما ببطن نخلة يقرأ القرآن ، وقد وردت هذه المعاني في صدر سورة الجن ، وفي حديث نبوي شريف بالجامع الصحيح للإمام البخاري .

وفي أول سورة الجن يقول تعالى : { قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآَنًا عَجَبًا * يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآَمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا } . ( الجن : 1-2 ) .

وفي الآيتين ( 8-9 ) من سورة الجن يقول الله تعالى : { وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا * وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآَنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَصَدًا } . ( الجن : 8-9 )

عود إلى التفسير

أقسم الله تعالى بالنجم الذي يهوى شهابا ثاقبا ، وسهما مصيبا يقتل الجنّي أو يخبله ، أو أقسم بالنجوم عند إدبارها في آخر الليل ، أو أقسم بنجم الشعرى ، وكان بعض العرب يعبده ، وكان قدماء المصريين يوقنون فيضان النيل ، بعبور الشّعرى بالفلك الأعلى ، ويرصدونه من أجل ذلك ، ويرقبون حركاته ، وللشّعرى في شأن أساطير الفرس وأساطير العرب على السواء .

وقيل : أقسم الله بالثّريا ، وقيل : أقسم بجنس النجم الذي له هذه الصفات الجليلة ، والحركة المنتظمة .

{ مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى } . ما بعُد محمد صلى الله عليه وسلم عن الحقّ ، وما غاب عن الهدى .

{ وما غوى } : وما خاب ولا انخرط في سلك الجهال الضالين ، بل هو راشد مهتد ، يحمل النّور والهدى ، كما يحمل النجم الضوء للسّارين ، وإن جبريل لينزل عليه في سرعة النجم إذا هوى .

{ وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى } : إن كلامه وحديثه وأقواله لا تصدر عن هوى وغرض .

{ إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى } .

إن ما ينطق به محمد صلى الله عليه وسلم هو وحي السماء ، هو القرآن الكريم الذي ينقله جبريل عن الله عز وجل ، ثم يتلقاه النبي صلى الله عليه وسلم عن جبريل بواسطة الوحي .

وقد قال صلى الله عليه وسلم لأحد أصحابه ، حيث كان يرغب في كتابة أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم : " اكتب فوالذي نفسي بيده ما خرج مني إلا الحق " .

 
صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف [إخفاء]  
{إِنۡ هُوَ إِلَّا وَحۡيٞ يُوحَىٰ} (4)

{ إن هو } إلى ما الذي ينطق به من ذلك{ إلا وحي } أي موحى به . { يوحى } إليه من الله تعالى . والجملة صفة مؤكدة ل " وحي " رافعة لاحتمال التجوز به . { علمه } علم النبي صلى الله عليه وسلم الوحي أو القرآن

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{إِنۡ هُوَ إِلَّا وَحۡيٞ يُوحَىٰ} (4)

وقد نقل إليه هذا الوحيّ من ربه الأعلى .

 
أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للجزائري - أبوبكر الجزائري [إخفاء]  
{إِنۡ هُوَ إِلَّا وَحۡيٞ يُوحَىٰ} (4)

شرح الكلمات :

{ إن هو إلا وحي يوحى } : أي ما هو إلا وحى إلهي يوحى إليه .

إن هو إلا وحى يوحى أي ما هو أي الذي ينطق به ويدعو إليه ويعمله إلا وحي يُوحى إليه .

/ذ18

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{إِنۡ هُوَ إِلَّا وَحۡيٞ يُوحَىٰ} (4)

{ إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى } أي : لا يتبع إلا ما أوحى الله إليه من الهدى والتقوى ، في نفسه وفي غيره .

ودل هذا على أن السنة وحي من الله لرسوله صلى الله عليه وسلم ، كما قال تعالى : { وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ } وأنه معصوم فيما يخبر به عن الله تعالى وعن شرعه ، لأن كلامه لا يصدر عن هوى ، وإنما يصدر عن وحي يوحى .

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{إِنۡ هُوَ إِلَّا وَحۡيٞ يُوحَىٰ} (4)

قوله تعالى : " وما ينطق عن الهوى " قال قتادة : وما ينطق بالقرآن عن هواه " إن هو إلا وحي يوحى " إليه . وقيل : " عن الهوى " أي بالهوى ، قاله أبو عبيدة ، كقوله تعالى : " فاسأل به خبيرا{[14340]} " [ الفرقان : 59 ] أي فاسأل عنه . النحاس : قول قتادة أولى ، وتكون " عن " على بابها ، أي ما يخرج نطقه عن رأيه ، إنما هو بوحي من الله عز وجل ؛ لأن بعده : " إن هو إلا وحي يوحى " . وقد يحتج بهذه الآية من لا يجوز لرسول الله صلى الله عليه وسلم الاجتهاد في الحوادث . وفيها أيضا دلالة على أن السنة كالوحي المنزل في العمل . وقد تقدم في مقدمة الكتاب حديث المقدام بن معد يكرب{[14341]} في ذلك والحمد لله . قال السجستاني : إن شئت أبدلت " إن هو إلا وحي يوحى " من " ما ضل صاحبكم " قال ابن الأنباري : وهذا غلط ؛ لأن " إن " الخفيفة لا تكون مبدلة من " ما " الدليل على هذا أنك لا تقول : والله ما قمت إن أنا لقاعد .


[14340]:راجع جـ 13 ص 63 وص 228.
[14341]:راجع جـ 1 ص 37.

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{إِنۡ هُوَ إِلَّا وَحۡيٞ يُوحَىٰ} (4)

ولما أكد سبحانه في نفسه ذلك عند التأكيد تنزيهاً له عما نسب إليه ، فكان ذلك مظنة السؤال عن أصل ما تقوله ، أجاب بالحصر والآية أصرح وأدفع لإنكارهم البالغ فقال : { إن } أي ما { هو } أي الذي يتكلم به من القرآن وبيانه ، وكل أقواله وأفعاله وأحواله بيانه { إلا وحي } أي من الله تعالى ، وأكده بقوله : { يوحى * } أي يجدد إليه إيحاؤه منا وقتاً بعد وقت ، ويجوز أن يجتهد صلى الله عليه وسلم ، فإذا استقر اجتهاده على شيء أوحي إليه أنك قد أصبت الحق ، مع أنه سبحانه قد أذن له في الاجتهاد بالوحي مع أن من يرد ما يجتهد فيه إلى ما أوحي إليه بريء من الهوي .

وقال أبو جعفر ابن الزبير في برهانه : لما قطع سبحانه تعليقهم بقوله : ساحر وشاعر ومجنون - إلى ما هو به مما علموا أنه لا يقوم على ساق ، ولكن شأن المنقطع المبهوت أن يستريح إلى ما أمكنه وإن لم يغن عنه ، أعقب الله سبحانه بقسمه على تنزيه نبيه وصفيه من خلقه عما تقوله وتوهمه الضعفاء فقال تعالى : { والنجم إذا هوى ما ضل صاحبكم وما غوى } ثم أتبع سبحانه هذا القسم ببسط الحال في تقريبه عليه السلام وإدنائه وتلقيه لما يتلقاه من ربه وعظيم منزلته لديه ، وفي إبداء ذلك يحركهم عزّ وجلّ ويذكرهم ويوبخهم على سوء نكاياتهم بلطف واستدعاء كريم منعم فقال تعالى : { أفرأيتم اللات والعزى } والتحمت الآي على هذه الأغراض إلى الإعلام بانفراده سبحانه بالإيجاد والقهر والإعزاز والانتقام ، لا يشاركه في شيء من ذلك غيره فقال : { وأن إلى ربك المنتهى وأنه هو أضحك وأبكى } . ولما بين ذلك فقال : { فبأي آلاء ربك تتمارى } أي في أيّ نعمة تشكون أم بأي آية تكذبون ؟ ثم قال : { هذا نذير من النذر الأولى } وإذا كان عليه الصلاة والسلام . . . فشأن مكذبيه شأن مكذبي غيره - انتهى .