وليست هذه هي المرة الوحيدة التي رآه فيها على صورته . فقد تكررت مرة أخرى :
ولقد رآه نزلة أخرى . عند سدرة المنتهى . عندها جنة المأوى . إذ يغشى السدرة ما يغشى . ما زاغ البصر وما طغى . لقد رأى من آيات ربه الكبرى .
وكان ذلك في ليلة الإسراء والمعراج - على الراجح من الروايات - فقد دنا منه - وهو على هيئته التي خلقه الله بها مرة أخرى
قوله تعالى : " ولقد رآه نزلة أخرى " " نزلة " مصدر في موضع الحال كأنه قال : ولقد رآه نازلا نزلة أخرى . قال ابن عباس : رأى محمد صلى الله عليه وسلم ربه مرة أخرى بقلبه . روى مسلم عن أبي العالية عنه ( قال : " ما كذب الفؤاد ما رأى " " ولقد رآه نزلة أخرى " قال : رآه بفؤاده مرتين ، فقوله : " نزلة أخرى " يعود إلى محمد صلى الله عليه وسلم ، فإنه كان له صعود ونزول مرارا بحسب أعداد الصلوات المفروضة ، فلكل عَرْجَة نزلة ) وعلى هذا قوله تعالى : " عند سدرة المنتهى " أي ومحمد صلى الله عليه وسلم عند سدرة المنتهى وفي بعض تلك النزلات . وقال ابن مسعود وأبو هريرة في تفسير قوله تعالى : " ولقد رآه نزلة أخرى " أنه جبريل . ثبت هذا أيضا في صحيح مسلم . وقال ابن مسعود : قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( رأيت جبريل بالأفق الأعلى له ستمائة جناح يتناثر من ريشه الدر والياقوت ) ذكره المهدوي .
ولما كان الشيء أقوى ما يكون إذا حسر البصر ، فإذا وافقه كون القلب في غاية الحضور كان أمكن ، فإذا تكرر انقطعت الأطماع عن التعلق بالمجادلة منه ، قال مؤكداً لأجل إنكارهم : { ولقد رآه } أي الله تعالى أو جبرئيل عليه السلام على صورته الحقيقية ، روى مسلم في الإيمان{[61694]} عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال { ما كذب الفؤاد ما رأى } { ولقد رآه{[61695]} نزلة أخرى } ، قال : " رآه بفؤاده مرتين " وجعل ابن برجان الإسراء مرتين : الأولى بالفؤاد مقدمة وهذه بالعين .
ولما كان ذلك لا يتأتي إلا بتنزل يقطع مسافات البعد التي هي الحجب ليصير به بحيث يراه البشر ، عبر بقوله : { نزلة } وانتصب على الظرفية لأن الفعلة بمعنى المرة { أخرى } أي ليكمل له الأمر مرة في عالم الكون والفساد وأخرى في المحل الأنزه الأعلى ،
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.