في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{نَحۡنُ قَدَّرۡنَا بَيۡنَكُمُ ٱلۡمَوۡتَ وَمَا نَحۡنُ بِمَسۡبُوقِينَ} (60)

57

هذه هي البداية . أما النهاية فلا تقل عنها إعجازا ولا غرابة . وإن كانت مثلها من مشاهدات البشر المألوفة :

( نحن قدرنا بينكم الموت ، وما نحن بمسبوقين ) . .

هذا الموت الذي ينتهي إليه كل حي . . ما هو ? وكيف يقع ? وأي سلطان له لا يقاوم ?

إنه قدر الله . . ومن ثم لا يفلت منه أحد ، ولا يسبقه فيفوته أحد . . وهو حلقة في سلسلة النشأة التي لا بد أن تتكامل . .

 
تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{نَحۡنُ قَدَّرۡنَا بَيۡنَكُمُ ٱلۡمَوۡتَ وَمَا نَحۡنُ بِمَسۡبُوقِينَ} (60)

المفردات :

قدرنا بينكم الموت : قضينا به بينكم ، وكتبناه عليكم .

وما نحن بمسبوقين : وما نحن بعاجزين ولا مغلوبين .

على أن نبدل أمثالكم : نأتي بخلق مثلكم ( فتح القدير ) .

وننشئكم فيما لا تعلمون : وننشئكم في البعث على غير صوركم في الدنيا ، فيجمَّل المؤمن ببياض وجهه ، ويقبح الكافر بسواد وجهه .

التفسير :

60 ، 61- { نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ * عَلَى أَنْ نُبَدِّلَ أَمْثَالَكُمْ وَنُنْشِئَكُمْ فِي مَا لاَ تَعْلَمُونَ } .

حكمنا بالموت على كل إنسان من أهل السماوات والأرض ، وقد ساوى الله بين أهل السماوات والأرض ، سواء في ذلك الشريف والوضيع ، والأمير والصعلوك .

قال تعالى : { كل نفس ذائقة الموت . . . } ( آل عمران : 185 ) .

وقال عز شأنه : { كل من عليها فان*ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام } . ( الرحمن : 26-27 ) .

وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ . وما نحن بعاجزين ولا مغلوبين .

عَلَى أَنْ نُبَدِّلَ أَمْثَالَكُمْ . فنذهب بكم ، ونأتي بخلق جديد أطوع لله منكم .

قال تعالى : { يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ * إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ * وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيز }ٍ . ( فاطر : 15-17 ) .

قال الزجاج : إن أردنا أن نخلق خلقا غيركم ، لم يسبقنا سابق ولا يفوتنا .

{ وَنُنْشِئَكُمْ فِي مَا لاَ تَعْلَمُونَ } .

ولسنا بعاجزين أيضا أن نعيدكم يوم القيامة في خلقة لا تعلمونها ، ولا تصل إليها عقولكم ، والغرض أن الله قادر على أن يهلكهم ، وأن يعيدهم ، وأن يبعثهم يوم القيامة ، ففي الآية تهديد واحتجاج على البعث .

قال الزمخشري :

المعنى : إنا لقادرون على الأمرين معا ، على خلق ما يماثلكم ، وما لا يماثلكم ، فكيف نعجز عن إعادتكم .

وقال القرطبي :

المعنى : وننشئكم في البعث على غير صوركم في الدنيا ، فيحشر المؤمن أبيض الوجه ، ويحشر الكافر أسود الوجه .

 
صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف [إخفاء]  
{نَحۡنُ قَدَّرۡنَا بَيۡنَكُمُ ٱلۡمَوۡتَ وَمَا نَحۡنُ بِمَسۡبُوقِينَ} (60)

{ وما نحن بمسبوقين على أن نبدل أمثالكم } أي وما نحن بمغلوبين عاجزين عن إهلاككم وأن نبدل منكم أشباهكم .

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{نَحۡنُ قَدَّرۡنَا بَيۡنَكُمُ ٱلۡمَوۡتَ وَمَا نَحۡنُ بِمَسۡبُوقِينَ} (60)

قدَّرنا : وقَّتنا موت كل أحد بوقت .

نحن قضَيْنا بينكم بالموت ، وجعلْنا لِموتكم وقتاً معيّناً ، وما نحنُ بمسبوقين

ولا عاجزين .

قراءات :

قرأ ابن كثير : نحن قدَرنا بينكم الموت ، بفتح الدال من غير تشديد . والباقون : قدرنا بالتشديد .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{نَحۡنُ قَدَّرۡنَا بَيۡنَكُمُ ٱلۡمَوۡتَ وَمَا نَحۡنُ بِمَسۡبُوقِينَ} (60)

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{نَحۡنُ قَدَّرۡنَا بَيۡنَكُمُ ٱلۡمَوۡتَ وَمَا نَحۡنُ بِمَسۡبُوقِينَ} (60)

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

قوله:"نَحْنُ قَدّرْنا بَيْنَكُمُ المَوْتَ وَما نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ "يقول تعالى ذكره: نحن قدرنا بينكم أيها الناس الموت، فعجّلناه لبعض، وأخّرناه عن بعض إلى أجل مسمى. وقوله: "وَما نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ عَلى أنْ نُبَدّل أمْثالَكُمْ"، يقول تعالى ذكره: وَما نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ أيها الناس في أنفسكم وآجالكم، فمفتات علينا فيها في الأمر الذي قدّرناه لها من حياة وموت بل لا يتقدم شيء من أجلنا، ولا يتأخر عنه.

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

يحتمل وجوها:

أحدهما: أنه لما كان هو الذي خلقكم وما ذكر، ثم قدر بينكم الموت، وفيكم الولي له والعدو، وقد سوى في الدنيا بين الولي والعدو، وفي الحكمة التفريق بينهما، دل أن هنالك دارا أخرى تفرق بينهما. {نحن قدرنا بينكم الموت} أي سوّينا بينكم في الموت بين عزيزكم وذليلكم ورفيعكم ووضيعكم، لا يسلم أحد منه. ويحتمل وجها آخر، هو أولى، وهو أنه لما قدر بينكم الموت، وكل واحد يكره الموت، ثم لم تملكوا دفع الموت عن أنفسكم، دل أن ههنا قاهرا قادرا يجب القول بوجوده والانقياد لأوامره ونواهيه...

التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :

(نحن قدرنا بينكم الموت) فالتقدير: ترتيب الأمور على مقدار، فالله تعالى أجرى الموت بين العباد على مقدار ما تقتضيه الحكمة، فإنما أجراه الحكيم على ذلك المقدار...

وقوله (وما نحن بمسبوقين) أي لسنا بمسبوقين في تدبيرنا، لأن الأمور كلها في مقدور الله وسلطانه...

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

سبقته على الشيء: إذا أعجزته عنه وغلبته عليه ولم تمكنه منه...

المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :

وقرأ جمهور القراء: «قدّرنا» بشد الدال...والمعنى فيها يحتمل أن يكون بمعنى قضينا وأثبتنا، ويحتمل أن يكون بمعنى سوينا وعدلنا التقدم والتأخر، أي جعلنا الموت رتباً، ليس يموت العالم دفعة واحدة، بل بترتيب لا يعدوه أحد.

أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي 685 هـ :

وما نحن بمسبوقين لا يسبقنا أحد فيهرب من الموت أو يغير وقته.

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

{نحن} أي بما لنا من العظمة لا غيرنا، {بينكم} أي كلكم لم نترك أحداً منكم بغير حصة منه، {قدرنا} أي تقديراً عظيماً، لا يقدر سوانا على نقض شيء منه.

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

{نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الموت}. استدلال بإماتة الأحياء على أنها مقدورة لله تعالى ضرورة أنهم موقنون بها ومشاهدونها ووادُّون دفعها أو تأخيرها، فإن الذي قدر على خلق الموت بعد الحياة قادر على الإِحياء بعد الموت... {قدرنا بينكم الموت} دون: نحن نميتكم، أي أن الموت مجعول على تقدير معلوم مراد، مع ما في مادة {قدرنا} من التذكير بالعلم والقدرة والإرادة لتتوجه أنظار العقول إلى ما في طيّ ذلك من دقائق وهي كثيرة، وخاصة في تقدير موت الإنسان الذي هو سبيل إلى الحياة الكاملة إنْ أخذ لها أسبابها.آذن ظرف (بين) بأن الموت كالشيء الموضوع للتوزيع لا يدري أحد متى يصيبه قسطه منه، فالناس كمن دعوا إلى قسمة مال أو ثمر أو نعم لا يدري أحد متى ينادى عليه ليأخذ قسمه، أو متى يطير إليه قِطُّه ولكنه يوقن بأنه نائله لا محاله...

{وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ}. هذا نتيجة لما سبق من الاستدلال على أن الله قادر على الإِحياء بعد الموت...

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{نَحۡنُ قَدَّرۡنَا بَيۡنَكُمُ ٱلۡمَوۡتَ وَمَا نَحۡنُ بِمَسۡبُوقِينَ} (60)

{ نحن قدرنا } قضينا { بينكم الموت وما نحن بمسبوقين }

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{نَحۡنُ قَدَّرۡنَا بَيۡنَكُمُ ٱلۡمَوۡتَ وَمَا نَحۡنُ بِمَسۡبُوقِينَ} (60)

قوله تعالى : " نحن قدرنا بينكم الموت " احتجاج أيضا ، أي الذي يقدر على الإماتة يقدر على الخلق ، وإذا قدر على الخلق قدر على البعث . وقرأ مجاهد وحميد وابن محيصن وابن كثير " قدرنا " بتخفيف الدال . الباقون بالتشديد ، قال الضحاك : أي سوينا بين أهل السماء وأهل الأرض . وقيل : قضينا . وقيل : كتبنا ، والمعنى متقارب ، فلا أحد يبقى غيره عز وجل . " وما نحن بمسبوقين " أي إن أردنا أن نبدل أمثالكم لم يسبقنا أحد ، أي لم يغلبنا . " بمسبوقين " معناه بمغلوبين .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{نَحۡنُ قَدَّرۡنَا بَيۡنَكُمُ ٱلۡمَوۡتَ وَمَا نَحۡنُ بِمَسۡبُوقِينَ} (60)

ولما كان الجواب : أنت الخالق وحدك ، وكان الطبيعي ربما قال : اقتضى ذلك الحرارة المخمرة{[62173]} للنطفة ، وكانت المفاوتة للآجال مع المساواة في اسمية الحياة من الدلائل العظيمة على تمام القدرة على الإفناء والإبداء بالاختيار مبطلة لقول أهل الطبائع دافعة لهم ، أكد ذلك الدليل بقوله : { نحن } أي بما لنا من العظمة لا غيرنا { قدرنا } أي تقديراً عظيماً ، لا يقدر سوانا على نقض شيء منه { بينكم } أي كلكم لم نترك أحداً منكم بغير حصة منه { الموت } أي أوجبناه على مقدار معلوم لكل أحد لا يتعداه ، فقصرنا عمر هذا وربما كان في الأوج من قوة البدن وصحة المزاج ، فلو اجتمع الخلق كلهم على إطالة عمره ما قدروا أن يؤخروه لحظة ، وأطلنا عمر هذا وقد يكون في الحضيض من ضعف البدن واضطراب المزاج فلو تمالؤوا على تقصيره طرفة عين لعجزوا ، وأنتم معترفون بأنه سبحانه رتب أفعاله على مقتضى الكمال والقدرة والحكمة البالغة ، فلو كانت فائدة الموت مجرد القهر لكانت نقصاً لكونه يعم الغني والفقير والظالم والمظلوم ، ولكان جعل الإنسان مخلداً أولى وأحكم ، ففائدته غير مجرد القهر وهي الحمل على إحسان العمل للقاهر خوفاً من العرض عليه والمحاسبة بين يديه ثم النقلة إلى دار الجزاء والترقية إلى العلوم التي البدن حجابها من تمييز الخبيث والطيب والعلم بمقادير الثواب والعقاب ، وغير ذلك مما يبصره أولو الألباب .

ولما كان حاصل الموت أنه تغيير الصورة التي كانت إلى غيرها ، وكان من قدر على تحويل صورة شيء إلى شيء قدر على تحويلها إلى شيء آخر مماثل لذلك الشيء قال : { وما نحن } أي على ما لنا من العظمة ، وأكد النفي فقال : { بمسبوقين * } أي بالموت ولا عاجزين ولا مغلوبين


[62173]:- زيد من ظ.
 
التفسير الميسر لمجموعة من العلماء - التفسير الميسر [إخفاء]  
{نَحۡنُ قَدَّرۡنَا بَيۡنَكُمُ ٱلۡمَوۡتَ وَمَا نَحۡنُ بِمَسۡبُوقِينَ} (60)

{ نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمْ الْمَوْتَ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ ( 60 ) عَلَى أَنْ نُبَدِّلَ أَمْثَالَكُمْ وَنُنْشِئَكُمْ فِي مَا لا تَعْلَمُونَ ( 61 ) }

نحن قَدَّرنا بينكم الموت ، وما نحن بعاجزين