قوله : { نَحْنُ قَدَّرْنَا } .
قرأ ابن كثير{[54966]} : «قَدَرْنَا » بتخفيف الدال .
وهما لغتان بمعنى واحد في التقدير الذي هو القضاء ، وهذا أيضاً احتجاج ، أي : الذي يقدر على الإماتة يقدر على الخَلْق وإذا قدر على الخَلْق قدر على البعث{[54967]} .
قال الضحاك : معناه أي : سوَّينا بين أهل السماء وأهل الأرض .
قال مقاتل : فمنكم من يبلغ الهَرَم ، ومنكم من يموت صبيًّا وشابًّا{[54968]} .
{ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ } أي : مغلوبين عاجزين .
قوله : { على أَن نُّبَدِّلَ } .
يجوز أن يتعلق { بِمَسْبُوقِينَ } ، وهو الظَّاهر ، أي : لم يسبقنا أحد على تبديلنا أمثالكم ، أي : يعجزنا ، يقال : سبقه إلى كذا ، أي : أعجزه عنه ، وغلبه عليه .
الثاني : أنه متعلق بقوله : «قَدَّرْنا » أي : قدرنا بينكم الموت ، { على أن نُبدِّل } أي : تموت طائفة ، وتخلفها طائفة أخرى . قال معناه الطبري{[54969]} .
وعلى هذا يكون قوله : { وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ } معترضاً ، وهو اعتراض حسن .
ويجوز في «أمْثَالكُمْ » وجهان{[54970]} :
أحدهما : أنه جمع «مِثْل » - بكسر الميم وسكون الثاء - أي : نحن قادرون على أن نعدمكم ، ونخلق قوماً آخرين أمثالكم ، ويؤيده : { إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا الناس وَيَأْتِ بِآخَرِينَ } [ النساء : 133 ] .
والثاني : أنه جمع «مَثَل » - بفتحتين - وهو الصفة ، أي : نغير صفاتكم التي أنتم عليها خَلْقاً وخُلُقاً ، و«ننشئكم » في صفات غيرها .
وتقدم قراءتا النَّشأة في «العنكبوت »{[54971]} .
قال الطبري{[54972]} : معنى الآية : نحن قدّرنا بينكم الموت على أن نبدل أمثالكم بعد موتكم بآخرين من جنسكم ، { وما نحن بمسبوقين } في آجالكم ، أي : لا يتقدم متأخر ، ولا يتأخّر متقدم ، { وننشئكم فيما لا تعلمون } من الصُّور والهيئاتِ .
قال الحسن : أي : نجعلكم قِردةً وخنازير كما فعلنا بأقوام قبلكم{[54973]} .
وقيل : المعنى ننشئكم في البعث على غير صوركم في الدنيا ، فيجمّل المؤمن ببياض وجهه ، ويقبح الكافر بسواد وجهه .
وقال سعيد بن المسيب : قوله : { فِي مَا لاَ تَعْلَمُونَ } يعني في حواصل طير سُودٍ تكون ببرهوت كأنها الخَطَاطِيْف ، و«برهوت » : وادٍ في «اليمن »{[54974]} .
وقال مجاهد : { فيما لا تعلمون } أي : في أي خلق شئنا{[54975]} .
وقيل : ننشئكم في عالم فيما لا تعلمون ، وفي مكان لا تعلمون .
قال ها هنا : { قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الموت } .
وقال في سورة «الملك » : { خَلَقَ الموت والحياة } [ الملك : 2 ] بلفظ الخلق ؛ لأن المراد هناك بيان كون الموت والحياة مخلوقين ، وهاهنا ذكر حياتهم ومماتهم{[54976]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.