لواحة : من لوّحته الشمس ، إذا سوّدت ظاهره وأطرافه .
البشر : واحدها بشرة ، وهي ظاهر الجلد .
21 ، 22 ، 23 ، 24 ، 25- ثم نظر* ثم عبس وبسر* ثم أدبر واستكبر* فقال إن هذا إلا سحر يؤثر* إن هذا إلا قول البشر .
ثم أعاد النظر والتّروي ، والتأمّل في الطعن في القرآن ، ثم قطّب وجهه لمّا لم يجد مطعنا يطعن به القرآن ، وكلح وجهه ، وتغيّر واكفهّر ، وأظهر الكراهة ، ثم أعرض عن الإيمان ، واستكبر عن الانقياد ، والإصغاء للقرآن ، وجاء بقول يخالف ضميره فقال :
ما هذا إلا سحر ينقل ويروى ويحكى ، نقله محمد عن غيره ممن قبله ، وحكاه ورواه عنهم ، فليس بكلام الله .
اختلقه محمد من عند نفسه ، ونسبه لله زورا .
وقد رأيت أن القرآن الكريم جاء بكلمة ثم . بعد الآيات ( 19 ، 20 ، 21 ، 22 ) ليبين أنه كان يتروّى ويتأنّى بعض الوقت في تفكيره ، لكن الآية ( 25 ) جاءت بدون حرف العطف للإفادة بأنه قال : إن هذا إلا سحر يؤثر ، وأتبع بعده بدون فاصل : إن هذا إلا قول البشر .
أي : أسرع في اتهام القرآن بأنه سحر ، وبأنه قول البشر ، بدون تأنّ أو تفكير ، كما يقول الإمام الزمخشري في تفسير الكشّاف .
وبعد أن عرض القرآن تهمه الباطلة ، وتفكيره المستكبر عن الحق ، أتبع ذلك بمآله الذي ينتظره .
{ ثم عبس } قطب ما بين عينيه لما لم يجد في القرآن مطعنا ، وضاقت عليه مذاهب الحيل فيما يقوله فيه . يقال : عبس يعبس عبسا وعبوسا ، إذا قطب جبينه وكلح وجهه . وأصله من العبس ، وهو ما تعلق بأذناب الإبل من أبوالها وأبعارها وقد جف عليها . وباعتبارها اليبس والتقبض أطلق على ما ذكر عبوس . { وبسر } إتباع لما قبله أو تأكيد له ؛ أي كلح وجهه . يقال : بسر يبسر بسرا وبسورا ، إذا قبض ما بين عينيه كراهية للشيء ، وسود وجهه منه ومنه وجه باسر : أي منقبض أسود . أو أظهر العبوس قبل أوانه ؛ من البسر بمعنى الاستعجال بالشيء . يقال : بسر الرجل الحاجة ، طلبها في غير أوانها . وبسر الفحل الناقة : ضربها قبل أن تطلب .
" ثم عبس " أي قطب بين عينيه في وجوه المؤمنين ، وذلك أنه لما حمل قريشا على ما حملهم عليه من القول في محمد صلى الله عليه وسلم بأنه ساحر ، مر على جماعة من المسلمين ، فدعوه إلى الإسلام ، فعبس في وجوههم . . قيل : عبس وبسر على النبي صلى الله عليه وسلم حين دعاه . والعبس مخففا{[15575]} مصدر عبس يعبس عبسا وعبوسا : إذا قطب . والعبس ما يتعلق بأذناب الإبل من أبعارها وأبوالها ، قال أبو النجم :
كأن في أذنابهن الشول *** من عبس الصيف قرون الأيل
قوله تعالى : " وبسر " أي كلح وجهه وتغير لونه ، قاله قتادة والسدي ، ومنه قول بشر بن أبي خازم :
صبحنا تميما غداة الجفار{[15576]} *** بشهباء ملمومة باسره
وقال آخر{[15577]} :
وقد رابني منها صدود رأيته *** وإعراضها عن حاجتي وبسورها
وقيل : إن ظهور العبوس في الوجه بعد المحاورة ، وظهور البسور في الوجه قبل المحاورة . وقال قوم : " بسر " وقف لا يتقدم ولا يتأخر . قالوا : وكذلك يقول أهل اليمن إذا وقف المركب ، فلم يجيء ولم يذهب : قد بسر المركب ، وأبسر أي وقف وقد أبسرنا . والعرب تقول : وجه باسر بين البسور : إذا تغير واسود .
ولما كان من فعل كذلك{[69791]} فظهر له فساد رأيه ووقف مع حظ نفسه يصير يعبس{[69792]} ويفعل أشياء تتغير لها خلقته من غير اختياره قال : { ثم عبس } أي قطب وجهه وكلح فتربد وجهه مع تقبض جلده{[69793]} ما بين العينين بكراهة شديدة كالمهتم المتفكر{[69794]} في شيء وهو لا يجد فيه فرجاً لأنه ضاقت عليه الحيل لكونه لم يجد فيما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم مطعناً { وبسر * } اتباع لعبس تأكيداً لها ، وربما أفهمت أنه سبر{[69795]} ما قاله ووزنه بميزان الفكر وتتبعه تتبعاً مفرطاً{[69796]} حتى رسخت فيه قدمه ، كذا قالوا إنها اتباع إن أريد به التأكيد وإلا فقد وردت مفردة ، قال في القاموس : بسر - إذا عبس ، وبسر الحاجة : طلبها في غير أوانها ، وبسر الدين : تقاضاه قبل محله ، فكأنه لما طال عليه التفكير صار يستعجل حصوله إلى مراده ، ويقال : بسر - إذا ابتدأ الشيء ، فكأنه لما عبس خطر له السحر فابتدأ في إبداء ما سنح له من أمره ، قال ابن برجان : البسور هيئة في الوجه تدل على تحزن في القلب .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.